أحدهما: وجود العسر والحرج في الشرع، مع أنه نفاه ما سبق من الأدلة.
وثانيهما: عدم إمكان الجمع بين كون هذه الجزئيات السهلة من باب العسر وعدم كون تلك التكاليف الشديدة من ذلك الباب.
قال الفاضل المعاصر في عوائده: الأمر في قاعدة العسر والحرج كما في سائر العمومات المخصصة في الكتاب الكريم والأخبار الواردة في الشرع القويم، وأدلة العسر والحرج يدل على انتفائهما كلية، لأنهما لفظان مطلقان واقعان موقع النفي، فيفيدان العموم، وقد ورد في الشرع بعض التكاليف الشاقة، ولا يلزم من وروده إشكال في المقام، كما لا يرد بعد قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم (1) إشكال في تحريم كثير مما وراءه، ولا بعد قوله: قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما إلى آخره (2) تحريم أشياء كثيرة، بل فكما يخصص بأدلة تحريم غيره عموم ذلك فكذا هنا، فإن تخصيص العمومات بمخصصات كثيرة ليس بعزيز، بل هو أمر في أدلة الأحكام شائع، فغاية الأمر كون أدلة نفي العسر والحرج عمومات يجب العمل بها فيما لم يظهر لها مخصص، وبعد ظهوره يعمل بقاعدة التخصيص، فلا يرد عليه شئ من الاشكالين. ولعل لذلك لم يتعرض الأكثر لذكر الأشكال، إذ لا إشكال في التخصيص، ولا يلزم تخصيص الأكثر أيضا، فإن الأمور العسرة الصعبة غير متناهية والتكاليف محصورة متناهية، وأكثرها مما ليس فيه صعوبة ولا مشقة.
وقال في الجواب عن الثاني: أما عدم رضاء الله [سبحانه] بأدنى مشقة في بعض الأمور، ورضاه بما هو أصعب منه كثيرا في بعض، فلا يعلم أن عدم رضاه بالأول لكونه صعبا وعسرا، بل لعله لأمر آخر، ولو علم أنه لذلك فلا منافاة بين عدم رضاه بمشقة ورضاه بمشقة اخر لمصلحة خفية عنا. وأما احتجاج الأئمة [الأطياب] لنفي التكليف في بعض الأمور بانتفاء العسر والحرج، فهو كاحتجاجهم