أن صدر الإسلام كان تمييز (1) الواجب والمندوب على المكلفين مما لا يستطاع، بل في بالي أن في بعض الروايات دلالة على أن اللائق إتيان المأمور به من دون فحص عن كونه واجبا أو مندوبا، ولم نجد في أدلة المعتبرين لقصد الوجه ما يعتمد عليه، وإذا لم يجب ذلك فالصفات الاخر بالأولوية. فلو نوى إحدى الصفات في مقام الاخر (2) جهلا أو سهوا أو نسيانا أو عمدا فلا يضر بعد تعيين المأمور به، بمعنى: عدم جعل شئ من ذلك قيدا ومشخصا، بل ينويه على أنه مورد، ويقصد أن ما هو المعين في نظري متصف بذلك، فمتى ما خالف الواقع يلغو، وليس ذلك إلا كالمسجد والبيت وغير ذلك من الأمور الخارجية لو نوى كون عبادته على إحدى الصفات الخارجية وهو عالم بخلافها أو جاهل.
ومن هنا يعلم عدم لزوم تغيير (3) النية من إحدى هذه الصفات إلى الأخرى لو فرض انقلاب الواقع، كالصبي يبلغ في أثناء عمله المجزي عن الواجب. وكذا لا يجب قصد الوجوب والندب الغائيين، ووجه الوجوب والندب: من اللطف، أو ترك المفسدة، أو الشكر، أو مجرد الأمر - على الاختلاف في ذلك - فإن ذلك كله لا دليل عليه.
وثامنها: أن الأمر المعتبر في العبادة إما شرط وإما جزء، وقد اختلف في النية.
فقيل: إنها جزء (4) لإطلاق كلام الفقهاء بأنه ركن، ومعنى الركن: الجزء العمدة.
ودعوى: إرادة ما يبطل العمل بفواته، مدفوعة بأن ذلك مناف لقاعدة النقل، ولأن ذلك موجود في سائر الشرائط، ولعد الأصحاب لها في أفعال الصلاة، ولالتئام الصلاة منها (5) كسائر أجزائها، ولاعتبار شرائط الصلاة من القبلة والقيام