والتحقيق أن يقال:
أولا: إن ذلك غير مانع من القاعدة، لوجود مقام لا يمكن فيه التميز بالأوصاف، لتعارضها، أو وجودها في جميع الدم، أو فقدانها في الكل، أو عدم إمكان الملاحظة، ونحو ذلك.
وثانيا: قد دل طائفة على كون الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيضا، كما يجئ ذكرها وبيان المراد منها على ما ذكره شيخ الطائفة (1).
فأدلة الوصف غير باقية على حالها، مع أن في أدلة قاعدة الإمكان ما يمنع من اعتبار الأوصاف - كما سيمر عليك - فهي لا تعارض القاعدة.
مضافا إلى أن التعارض بين أدلة الأوصاف وأدلة قاعدة الإمكان إنما هو بالعموم من وجه، لدلالة قاعدة الإمكان على الحيضية وإن لم يكن وصف، وأدلة الوصف على الحيضية وإن لم يكن إمكان، والترجيح مع القاعدة، لكثرة المرجحات من الفتوى والنص وقوة أدلتها، كما ستسمع.
وقد يتخيل: أن ما خرج عن الإمكان قد دل الدليل على عدم حيضيته، فهو خارج عن دليل الوصف بقاعدة التخصيص، فيؤول الأمر بعد ذلك إلى كون دليل الأوصاف أخص مطلقا، لجريان الإمكان فيما لا وصف فيه وعدم جريان الوصف فيما لا إمكان فيه.
ولكن نقول: الميزان في التعارض إنما هو ملاحظة الدليلين في نفسهما، لا بعد ورود التخصيص والتقييد على أحدهما، على أنا نقول: إن أدلة الأوصاف مثبتة لا نافية، إذ غاية ما ذكر فيها: أن دم الحيض حار عبيط يخرج بحرقة ولذع (2) ودلالته على عدم كون ما سواه حيضا إنما هو بالمفهوم الضعيف، وليس في الروايات - على ما في بالي مع كثرتها ما يدل على أن ما لم يكن كذلك فهو ليس