وما في الروايات من نقل فعل الأئمة عليهم السلام في المقارعة أيضا دال على جوازها لكل أحد، إذ ليس المقصود من نقل ذلك إلا المتابعة والفعل كما فعله، وإن أمكن أن يقال: إن غايته إعمال القرعة في نظائر تلك الواقعة وإن اعتبر كونه (1) عند الأمام.
ويدل على ذلك صريح صحيحة الفضيل بن يسار في الممسوح، قال في أوله:
يقرع الأمام أو المقرع - إلى أن قال - ثم يقول الأمام أو المقرع: (اللهم أنت...
الخ) (2). وهذا ظاهر في عدم الاختصاص بالإمام.
لا يقال: إن المراد ليس الاختصاص بإمام الأصل بالخصوص، بل لا كلام في كونه وظيفة النائب عموما أو خصوصا في حضور أو غيبة، فلعل المراد ب (المقرع) من كان مأذونا له في ذلك، فلا يدل على عموم الجواز، وإطلاق المفرد المحلى باللام غير قاض بالعموم إن لم ينزل على العهد وإن لم يكن هناك معهود شخصي، إذ يكفي في ذلك المعهود النوعي.
ويدل على ذلك أيضا صحيحة محمد بن عيسى في الشاة الموطوءة (3) فإن ظاهرها بل صريحها أن المقرع غير الأمام.
ويمكن الجواب عنها بأن القرعة هنا مندوبة، وقد مر الكلام على هذه الرواية، وأن الطريق غير منحصر فيها في القرعة، فلا يرد النقض بها على حكم القاعدة حيث تتعين.
والذي يقوى في النظر القاصر بعد ملاحظة الروايات اختصاص أمر القرعة بالوالي، فإن كان يمكن الرجوع فيه إلى إمام الأصل اختص به، لأنه مورد أكثر الأخبار، وأنها وإن لم تدل على الاختصاص لكنها لا تدل على العموم [أيضا] (4) فيقتصر على المتيقن.