الترك يعد إهانة بنفسه من دون حاجة إلى النية، كالأفعال الشنيعة جدا الغالبة الوقوع في مقام الإهانة كإلقاء المصحف على النجاسة، أو إلقاء نجاسة على الضرائح والمساجد، فإن هذا الفعل يعد إهانة وإن لم يكن فاعله قاصدا للإهانة، لتمحضه في ذلك عرفا، أو يكون مشتركا قابلا لأن يكون إهانة أو غيرها أو تعظيما، كالاستدبار لضريح الأمام، أو مد الرجل إلى القرآن، فإنه يمكن كونه لعادة أو لغرض آخر أو استعجال، ويمكن كونه لإهانة، فإن النية لإهانة (1) الأعراض يجعله إهانة كما هو قاعدة المشترك، أو يكون مما ظاهره التعظيم كالمدح، فإن ظاهره التعظيم، لكن النية للتخفيف يجعل ذلك استهزاءا وتهكما محرما.
وثانيهما: كون الفعل متمحضا في الإهانة بحيث لا يحتمل فيه غيرها عرفا وعادة - كما مثلنا به سابقا - فإنه وإن عري عن النية لكنه محرم، لأنه استخفاف وإهانة، وكذلك ما كان ظاهره الاستخفاف وإن احتمل فيه شئ آخر، فإنه أيضا محرم ما لم يعلم فيه نية أخرى مخرجة له عن كونه إهانة. فإن الظواهر تصرف إلى غير ظاهرها بالنية، فإن من مسح ظهره أو أليته مستدبرا بالضريح للأمام ظاهر في الإهانة لو خلي ونفسها، ولكن لو قصد به الاستشفاء عن وجع خرج عن ذلك، بل يعد تعظيما، وكذلك وضع شئ من تربة الحسين عليه السلام في الدبر، فإنه إهانة بحسب الظاهر، لكن لو قصد به الشفاء لا يعد إهانة، ونظائر ذلك كثيرة.
ومن هنا علم: أن النية تغير حكم الظواهر وتبدله عن مقتضاه، ولكن لو جرد عن نية تعظيم أو إهانة فالمتبع الظاهر، فيكون محرما.
وإنما البحث في وجوب التعظيم وعدمه.
فنقول: إن قلنا بأنه لا واسطة بين التعظيم والإهانة، بمعنى: أن ترك التعظيم إهانة، فيكون التعظيم واجبا لحرمة تركه، وبيانه بأن يقال: إن ما شأنه التعظيم،