وليس إلا القرعة.
مضافا إلى أن استقراء موارد النصوص المذكورة سابقا وغيرها - مما يقف عليها المتتبع - يرشد إلى أن الوجه في ذلك كله لزوم الأشكال وعدم وجود مخلص في ذلك، وأنه العلة في إعمال القرعة، وأنه لولاها لزم تعطيل الأحكام فيما لا يمكن فيه التعطيل.
ولذلك قدم في الروايات كل ما يمكن أن يكون طريقا لبيان الحكم - كما في الخنثى ونظائره - فالقرعة إنما هي بعد انسداد طريق الأمر المجهول وعروض الأشكال والاشتباه، وبعد ذلك لا يتفاوت الأمر بين المنصوص وغيره، إلحاقا للمشكوك بالغالب، أو ادعاءا لتنقيح المناط بينه وبين ما ورد فيه النص.
والحاصل: أن المسألة لا إشكال فيها في نظر الفقيه، وإنما الغرض تخريج الوجوه حتى لا يتخيل كونها من دون ضابطة.
وإذا عرفت عموم حجيتها في كل أمر مشتبه فلا بد من بيان المراد من ذلك حتى يجعل معيارا في المقام، ثم بعد ذلك نعود إلى ما ذكروه من خروج بعض الموارد عنها وعدم كونها على عمومها.
ونبين: أنه هل هو تخصيص للقاعدة أو اختصاص من أول الأمر؟
فنقول - وبالله التوفيق -: إن المراد من (المشكل) و (المشتبه) و (المجهول) واحد، وهو كونه كذلك من حيث هو كذلك، بمعنى: كون الشئ مشتبها لا سبيل إلى رفع ذلك بطريق معتبر شرعا حتى يكون مخرجا للحكم في تلك الواقعة، فمتى كان له سبيل مثبت لم يكن ذلك من الأشكال والاشتباه في شئ، بل هو معلوم بالمآل وإن كان مشكلا ابتداءا، وهذا هو مقتضى النصوص ومؤدى النظر السليم. فنقول: المشتبهات التي لها مدخل في الحكم الشرعي أمور:
أحدها: شبهة الحكم الشرعي، بمعنى: أن يكون شئ لم يعلم من الشريعة حكمه، لإعواز النصوص بالعموم والخصوص من كتاب أو سنة، ولم يكن مما