وما ذكر في نذر الواجبات - مع أنه محل كلام معروف - ليس معناه: تعلق النذر بطبيعة واجبة قابلة للحصول في أفراد متعددة، فيجب بالأصالة وبالنذر، ويحصل الامتثال في فرد واحد، فإن من نذر صلاة أو حجا فهو أيضا داخل في محل نزاعنا في باب التداخل. وفتوى الأصحاب - كما لا يخفى على من لاحظها - وجوب حج غير حجة الإسلام وصلاة غير الفرائض الأصلية، فيرجع أيضا إلى نظير تعدد الخطاب المبحوث عنه في المقام ويكون من إحدى الصور المتقدمة. بل معناه: نذر حجة الإسلام - مثلا - وصلاة الظهر كذلك، وصوم رمضان مثلهما، فإن بناءا على صحة النذر عملا بالعمومات الدالة عليه - كما هو خيرة جماعة (1) - ففائدته الكفارة في صورة المخالفة، دون إحداث وجوب في العبادة، فإن حقيقة الوجوب في العمل كونه مطلوبا ممنوعا من تركه، وهذا غير قابل للتعدد، وليس إلا كالبياض في الجسم، وعدم تعدد المأتي به في النذر لعدم إمكانه، إذ ليس حجة الإسلام على هذا المكلف إلا واحدة، فلو أتى بها مرة ثانية فقد أتى بغير المنذور، ونحو ذلك صلاة الظهر.
ومن هنا نقول: إن نذر الواجب يرجع إلى الالتزام بالكفارة لو خالف، لا الالتزام بالفعل، لأنه حاصل قبل النذر.
وما ذكره (2) في قتل المرتد القاتل لا ربط له بالمقام، إذ نحن لا نمنع من وجود كليين متعلقين للحكم بينهما عموم من وجه في فرد واحد، ولا ريب أن قتل المرتد - مثلا - واجب، وقتل القاتل - مثلا - لو فرضنا واجب، وهما موضوعان مستقلان للحكمين وجدا في ضمن هذا الفرد. وأي مانع من ذلك؟ والكلام في تعلق وجوبين بموضوع واحد.
وأما في المتعدد المجتمع، فنحن لا نمنع من وجود متناقضين أيضا -