والجواب: أن ما نحن فيه فقه ومعرفة وإصابة سنة، لأنه أخذ الأحكام عن طريقة المتشرعة المتلقاة عن صاحب الشريعة معتقدا كونه المأمور به، وهو في الواقع كذلك على ما هو الفرض، ومثل هذا لا يعد عملا بغير فقه. وبأن الظاهر من كون العمل بدلالة ولي الله وطاعته شرطية الأيمان وعدم كون الحكم مأخوذا من أهل القياس والاستحسان. ولو سلم كون المراد أخذه عن إرشاد ولي الله تعبدا، فنقول: لا ريب أن الأخذ مع الواسطة داخل في دلالة ولي الله وليس خارجا عنه، وليس ما في أيدي الناس من الأعمال إلا بإرشاد الولي، ولم يأخذ منهم المكلف المفروض إلا باعتقاد أنه ما بين ولي الله من التكاليف، فليس عمله إلا بدلالة ولي الله دون غيره، فلا وجه للبطلان.
وبالجملة: الحكم ببطلان عبادات من لم يكن مجتهدا ولا مقلدا له مع عدم علمه والتفاته باعتبار أحد الأمرين وزعمه لزوم تعلم أحكام الله واعتقاده أنها إنما هي ما في أيدي الصلحاء والمقدسين وأرباب التدين فأخذ به معتقدا أن ذلك هو المأمور به وصادف الواقع، أو أخذ من المجتهد أيضا لا بعنوان أنه مجتهد، بل لأنه أيضا كسائر العلماء وأصحاب الاطلاع على الدين دونه خرط القتاد!
وليس عليه دليل يعتمد عليه، بل ربما يدعى أنه طريقة الناس خلفا وسلفا، ولو لم يكن هذا مسقطا للقضاء لانتشر هذا الحكم أشد الانتشار، وقد اشتهر خلافه.
وأما حصول الثواب على عمله ذلك وعدم ترتب العقاب عليه فمما لا شبهة فيه.
القسم الثاني: هو الآتي بالعبادة مخالفا للواقع معتقدا للمخالفة.
ولا ريب أن هذه العبادة غير موجبة للثواب، لأنه غير مطيع عرفا وغير آت بالمأمور به على وجهه، وفات منه قصد التقرب، إذ مع علمه بالمخالفة لا يمكنه قصد التقرب. وموجب للعقاب أيضا من جهة تقصيره في تحصيل الحكم وتقاعده عن الجهاد في سبيل الله وإتيان أوامره. وغير مسقط للقضاء أيضا،