خلاف التحقيق، فإذا كان المراد به نفس الأمر، فإن كان المخصص مجملا سقط حجية العام، وإن كان مبينا ومقيدا بالعلم - كما إذا قيل: إلا ما علم كونه من غير ذ ي النفس - يبقى العام حجة في المشكوك وإن لم يكن مقيدا به، كما في (أكرم بني تميم إلا الطوال) فمتى ما شككنا في فرد أنه طويل أم لا، لا يمكن التمسك بالعام، لأنا ندري أن الطويل في نفس الأمر خارج عنه، فلا نعلم دخوله تحت العام أيضا، فكيف يتمسك بالعموم؟
قلت: في الفرض الأخير هو محل البحث وإن اختلفوا في ذلك، لكن يمكن التمسك بالعام في الشبهة في الموضوع، لأن دخوله تحت العام والمخصص مشكوك في نفس الأمر، فنعمل بالظاهر، للقطع بعدم خروجه عنهما، فنقول: إن شمول العام له ظاهرا مقطوع، لأنه من بني تميم قطعا، ودخوله في المخصص غير معلوم، للشك في طوله، فنأخذ بالمتيقن.
والحق أن العمل بالعام في مثل المقام محل نظر، إلا إذا ادعي فهم العرف على ذلك، وهو محل تأمل.
مضافا إلى أن ظاهر عبارة المعتبر كونها على سياق غيرها من عبارات الأصحاب، وليس مسوقا لبيان المشكوك والمعلوم، وإنما الغرض بيان الحكم النفس الأمري للموضوع، فلا يعتمد على مثل هذا الإجماع.
وثانيها: قوله عليه السلام بعد السؤال عن سؤر الباز والصقر والعقاب -: كل شئ من الطير يتوضأ من سؤره ويشرب (1) إلا أن ترى في منقاره دما، فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب (2).
وجه الدلالة: أن إطلاق المنع مع رؤية الدم في المنقار يدل على أصالة النجاسة، وإلا لكان ينبغي التقييد بما علم أنه دم نجس.