وقسم ليس كذلك، فإن عموم دليل الحج والتوضؤ يشمل ما لو كان فيه ضرر بدني (1) ونحو ذلك، ولا يمكن أن يقال: إنه ليس بضرر، إذ ما ثبت من الدليل العوض على الوضوء والحج، لا على المضار الاخر الموجود في ضمنهما، ووجود المقابل للطبيعة لا يرفع الضرر في اللواحق.
وقس على ذلك ما يرد عليك من نظائر ما دفعناه بقاعدة الضرر.
فتلخص من ذلك: أن هذه القاعدة أيضا كقاعدة العسر والحرج مما لا يقبل التخصيص، وكل ما هو ظاهر في خلافه - بمعنى: أنه يتخيل كونه ضررا - فهو من باب التخصص والاختصاص والخروج عن الموضوع.
والعجب من صاحب العوائد! أنه اعترف هنا بذلك حيث جعل الأجر الأخروي رافعا للضرر، وذهب في مسألة العسر والحرج إلى وجود التخصيص وكونه كسائر العمومات (2) لما ورد عليه من الأشكال الذي مضى في بحثه، وعلى ما قررناه فهما من باب واحد.
وأما توهم: أنه من باب الأصول التعليقية التي لا تعارض دليلا بل كلما هو حجة تقدم على هذه القاعدة فهو تفريط بين مناف لظواهر النصوص، بل صريحها، ومناف لما هو المقطوع من (3) الأصحاب من نفي الأدلة بالقاعدة.
ومحصل البحث: أن كل ما يعد ضررا في العرف في مال - عينا أو منفعة - أو حق أو بدن أو عرض غير جائز أو غير واقع في الدين، ولا فرق في ذلك بين نفس المالك وذي الحق وغيره، فكما لا يجوز إضرار غيره لا يجوز إضرار نفسه أيضا في شئ من ذلك.
وهل هو من الأمور الاختيارية القابلة للإسقاط؟ بمعنى: أن الشارع منعه