لا يقال: إن النقص في المال أو في الحق أو البدن إذا حصل صدق الضرر، وحصول المقابل بعد ذلك لا يرفعه.
لأنا نقول: بعد ما كان صدقه منوطا بعدم المقابل يبقى مراعى، فإن علم بعد ذلك وجود ما يقابله ويسد مسده كشف عن أنه لا ضرر من أصله.
وغاية ما يمكن أن يقال: إنه كان ضررا واندفع، وهذا لا بأس به، إذ لا يفترق الحال بين ارتفاعه أو عدم صدقه من أصله، فكلما وقع من قبل الله أو نفس المكلف أو من أجنبي ما يعد ضررا ظاهرا، فمقتضى النفي أو النهي أن يكون له في الواقع ما يرفع ضرريته ويسلب هذا الاسم عنه، بمعنى الكشف - كما هو الأقوى في النظر - أو النقل - كما قد يقال أيضا - إذ لو لم يكن له ما يوجب رفعه لزم من ذلك وقوعه وجوازه، والفرض انتفاؤه.
وإذا ثبت لزوم الرفع، فينبغي الكلام في تشخيص الرافع له، فنقول: هو (1) من نشأ منه الضرر، لا غيره، ولنا على ذلك وجوه:
أحدها: حكم العقل بذلك، إذ بعد ما علمنا أن هذا شئ قبيح، فمتى ما صدر من شخص وكان قابلا لرفع قبحه ولم ينجز بالفعل، يحكم العقل القاطع بلزوم رفع هذا العمل القبيح على فاعله، وليس حقيقة قبيحا قبل الدفع (2) - على ما أراه من الكشف - بل المراد: أنه لو لم يرفع ذلك وأبقاه على هذا الوضع لعد هذا قبيحا.
فلو كان هذه المنقصة في مال أو بدن من الله تبارك وتعالى، فمقتضى الحكمة أن يرفعه بما يوجب سد محله وسلب اسمه، بل اللائق عليه أن يزيد من فضله، كما أخبر به في كتابه: ومن أوفى بعهده من الله (3).
ولو كان نفس المكلف، فلا مدفع له، إذ كل ما حصل المكلف من النفع لا يقابل