وبتقرير ثالث: لا يجري فيما كان الشك بين الإمكان والامتناع بأن يكون أحد طرفي الشك موجبا لامتناع الحيضية، بل في ما كان الشك في الوجود والعدم، فلا يجري في الخنثى، فإن الدم فيه وإن أمكن أن يكون حيضا، لكنه باعتبار إمكان أن يكون امرأة لا رجلا، ففي الحقيقة يكون الشك في هذا الدم من جهتين: إحداهما الشك في كونه أنثى وعدمه، وبعد كونه في الواقع أنثى أيضا يشك (1) في كون هذا الدم حيضا وعدمه وإن كان يرجع المآل إلى الشك في أن الدم حيض أم لا.
وكذلك فيما لو كان الأنثى مشكوك البلوغ والعدم أو مشكوك اليأس والعدم، فإن للشك حينئذ (2) مرتبتان: إحداهما في قابلية المكلف للحيض وعدمه، وثانيتهما في كون الدم حيضا وعدمه.
فإن اعتبرنا استصحاب الصغر واستصحاب عدم اليأس لحق الأول بالممتنع، إذ مع الصغر ولو شرعا يمتنع الحيض، ولحق الثاني بالممكن، لأن اليأس ما لم يثبت شرعا فهي غير يائسة، فتجري قاعدة الإمكان في الثاني، لزوال الشك في قابلية المكلف بالأصل، ولا تجري في الأول، لثبوت عدم الأهلية.
ولو لم نعتبر الاستصحاب في جهة الحيض وإن اعتبرناه بالنسبة إلى الأحكام الأخر - نظرا إلى أن الحيض ممتنع مع الصغر الواقعي وهو مشكوك، وممكن مع عدم اليأس واقعا وهو لم يثبت - صار هذا الشك واقعا بين الإمكان والامتناع، فلا تجري فيه قاعدة الإمكان على ما يقتضيه أدلتها.
وهنا كلام بالنسبة إلى الدم المشكوك خروجه من الرحم أو من خارجه، من جهة أنه هل هو من أفراد الدم الممكن، أو دائر بين الإمكان والامتناع كالأمثلة السابقة؟