الخارج أو قرينة في اللفظ على أحد الأمرين، فإن ذلك أيضا خارج عن محل البحث.
الخامسة: قال الفاضل المعاصر المدقق الملا أحمد النراقي في عوائده: لا شك أن الأسباب الشرعية علل للأحكام المتعلقة بأفعال المكلف، لا لنفس أفعاله، فوطؤ الحائض علة لوجوب التصدق والبول علة لوجوب الوضوء، لا للتصدق والوضوء. وتعدد الأسباب الشرعية لو اقتضى تعدد مسبباتها لاقتضى تعلق وجوبين بتصدق الدينار والوضوء! والكلام إنما هو في وجوب تعدد التصدق والوضوء، لا تعدد الوجوب، ولا تلازم بينهما، لإمكان تعلق فردين من حكم بفعل واحد من جهتين متغائرتين كوطئ الأجنبية الحائضة، وشرب الخمر والزنا في نهار رمضان، ووجوب قتل زيد المرتد القاتل لغيره عمدا، وهكذا. وعلى هذا، فأصالة عدم تداخلها لو ثبت لا يستلزم أصالة عدم التداخل بالمعنى المتنازع المراد، والكلام في إثبات تعدد الفعل دون تعدد الحكم، وأحدهما غير الاخر (1).
وهذا الكلام من ذلك العلام يدل على غفلة أساطين الأصحاب المستدلين لهذا الأصل بالوجوه الآتية عن هذا الوجه الذي ذكره، وعدم التفاتهم إلى أن ما ذكروه من الأدلة لا يؤدي إلى المطلوب بشئ، إذ غاية مفاد أدلتهم الآتية اقتضاء كل سبب مسببا برأسه، وإذا كان المسبب الحكم دون الفعل، فلا نفع في هذا الاستدلال وإتعاب البال.
فنقول - مستعينا بقوة الله، ومستمدا من بركات أنفاسهم الزكية -: إن اجتماع الحكمين المتجانسين في موضوع واحد محال، بمعنى: أن يكون طبيعة الصلاة - مثلا - يتحقق فيه وجوبان في نفسها (2) من دون مراعاة جهة أخرى غير ممكن، كيف! واجتماع الأمثال لا شبهة في بطلانه وعدم إمكانه.