وهذا يدل على وجود ما يفيد هذا المعنى عندهم من هذه النصوص، فإن من دخل في الصلاة وشك أنه توضأ أو لم يتوضأ أو ذبح شاة وشك أنه سمى أو لم يسم شك فيما مضى ولو باعتبار ارتباطه بهذا الشئ الذي هو فيه، فيكون بمعنى فوات مقامه.
ومثل ذلك من شك في أنه قرأ أو ركع أو سجد أو تشهد أم لا بعد الانتقال إلى جزء، فإنه يعد شكا فيما مضى عرفا وإن لم يدرك أن الشئ المشكوك فيه مضى أم لا.
مع أن بقية الروايات التي وردت في العود والإتيان مع بقاء المحل كلها عبرت بهذه العبارة: (رجل شك في القراءة ولم يركع؟ قال: يقرأ) مثلا، و (رجل شك في السجدة قبل أن يقوم؟ قال: يسجد) وظاهر هذه العبائر الشك في أصل الفعل والعدم، لا في تخلف شرط من القراءة أو وجود مانع أو خلل في جزء، إذ لا تعاد السجدة والركوع ونحوه مع العلم بالخلل في ذكر ونحوه، فضلا عن الشك، فيدل على أن المراد في هذين - الصحيح والحسن - أيضا الشك في أصل الفعل الذي يعتبر فيه الدخول بالغير حتى يصدق (المضي) و (الفراغ) إذ قبله لا يصدق، إذ (المضي) لا يصدق عرفا إلا بإتيان نفس الشئ حتى يمضي، وهو مشكوك في الفرض، أو بمضي محله، وكلاهما حينئذ منتفيان (1).
وأما الشك في شرط الجزء أو جزئه أو مانعه في صلاة أو غيرها من عبادة ومعاملة، فلا يلتفت إليه بعد الفراغ وإن لم يدخل في جزء آخر، لعموم الموثقة وشمول (المضي).
نعم، بقي الأشكال في شئ، وهو: الشك في الإتيان بأصل الواجبات وعدمه، لا في خلل في ذلك، بمعنى: الشك في العمل المستقل الذي لا ارتباط له بآخر بجزئية أو شرطية أو نحو ذلك، فإنه لو كان له ارتباط فقد ذكرنا أنه مع التجاوز والمضي الذي يتحقق بالدخول في شئ يترتب عليه لا يلتفت إلى الشك في أصل