لم يتداخل بالاتفاق.
فنقول: عدم تداخله لأي سبب؟ هل هو لدليل خاص جاء على أن هذين لا يجتمعان؟ والفرض عدمه، بل ليس موجودا في أبواب الفقه، وليس عدم التداخل إلا من جهة أن كل مسبب مضاف إلى سببه فيمتنع بعد ذلك تداخلهما. وهذا الوجه موجود في جميع صور النزاع.
وبتقرير آخر: الأسباب الشرعية وإن كانت معرفات لكنها كاشفة عن علل حقيقية واقعية، وظاهر كل سبب شرعي كشفه عن مؤثر حقيقي، ومجرد احتمال كونهما أمارة للواحدة لا يدفع الظاهر، وهو الحجة، فأصالة عدم المؤثر الحقيقي لا وجه له بعد كشف الظاهر عنه.
فإن قلت: على ما ذكرت من العلل الحقيقية يمتنع التداخل، مع أنه وقع في مقامات.
قلت: ليس الكشف عن علة واقعية منجزا غير قابل للتأويل، بل هو مقتضى الظاهر، فمتى جاء الدليل على أنه يتداخل علمنا كون الامارات كاشفة عن مصلحة واحدة تفوت بحصول الواحدة، فلا يبقى هناك علة. وهذا معنى قولنا: إن الأصل عدم التداخل حتى يثبت بدليل.
فإن قلت: متى ما جاز الكشف عن علة واحدة فكيف تدعي الكشف عن علتين؟
قلت: لا ريب أن كل خطاب يصدر من الشرع لا بد له من علة واقعية، فكونهما معا كاشفين عن علة واحدة خلاف الظاهر قطعا، وهذا معنى المقتضي في كل مقام.
فإن قلت: تجدد النسبة إلى دليل آخر لا نعلم كونه مقتضيا للتعدد، بل لعله شئ آخر لا نعلمه، وإثبات العلة بالمناسبة لا نقول به.
قلت: هذا إثبات للعلة بالانحصار من الخارج، بمعنى: أنا نجد في مقامات