وتوضيحه: أن لفظ (التأخر) موجب للاشتباه في هذا المقام، وله معنيان:
أحدهما: المعنى الإضافي النسبي المحتاج إلى شئ مقدم حتى يتأخر هذا عنه.
وثانيهما: التأخر بمعنى عدم وجود هذا الحادث إلا في زمان علمنا بوجوده، ومفاده: إجراء آثار الوجود عليه من آن الثبوت لا قبله، وهذا المعنى لا يستلزم حصول التأخر بالمعنى الإضافي الذي يقابله التقدم حتى يثبت من تأخره تقدم العيب، بل يكون معناه: أن العيب حادث يوم الخميس، والبيع يجري أحكامه من يوم الجمعة، ولا يلزم من ذلك وصف التأخر والتقدم الذي هو المدار في ثبوت الخيار.
قيل: أصالة عدم التقدم فرع الشك في التقدم، فإذا جاء أصل التأخر يكون التقدم ثابتا بدليل.
قلنا: أولا إنا نقول: إن أصالة التأخر فرع الشك، فإذا جاء أصالة عدم التقدم فلا تأخر، وهو معنى التعارض، فتقديم الأول على الثاني ترجيح بلا مرجح.
وثانيا نقول: قد ذكرنا أن التأخر بهذا المعنى لا يفيد التقدم ولو ظنا حتى نقبله، بل يفيد وجود الحادث في هذا الزمان.
وثالثا نقول: لو فرضنا حصول الظن (1) من هذا الأصل على تقدم العيب لا نسلم حجية هذا الظن في لوازم (2) الموضوع المستصحب العدم، إذ الموضوع لا بد فيه من العلم حتى يلحق حكمه، أو أصل منقح للموضوع نفسه لا بتوسط ملازمة خارجية، إذ الملازمات الوجودية للأصول غير معتبرة، ويعبرون عنه ب (الأصل المثبت).
نعم، هنا إشكال قوي، وهو: أن أصالة العدم أنما تجري إذا شك في حدوث حادث مسبوق بالعدم، أما لو علم وجود حادث في الخارج ولم يعلم أنه أي