ورابعها: أن الخبر الدال على الاستحباب معتبر، سواء عارضه الضعيف، أو المعتبر، أو الأصل. أما في تعارض المعتبرين: فلأن من جملة المرجحات المنصوصة: الأخذ بالمشتهر بين الأصحاب، ولا ريب أن المشهور في المقام العمل بالاستحباب، لا الإباحة.
وفي الضعيفين أو الضعيف مع الأصل نقول: إن المنجبر بالشهرة حجة، لدخوله تحت الخبر المتبين في منطوق آية النبأ (1) ولا فرق بين تبين الخبر بالخصوص لأمور لاحقة له بشخصه، أو تبينه لخصوصيات لاحقة لنوعه أو جنسه، ولا ريب أن نوع الخبر الضعيف في مقام الاستحباب منجبر بالشهرة فيكون حجة.
وخامسها: ما جاء في المعتبر من الأخبار: من سمع شيئا من الثواب فصنعه كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه.
وبمعناه: من بلغه شئ من الثواب على شئ من الخير فعمله كان له أجر ذلك وإن كان رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقله (2).
وقيل: إن الأخبار بهذا المعنى بالغة حد التواتر أو قريب منه (3).
ووجه الاستدلال بهذه الأخبار: أنها دلت على حصول الأجر والثواب بمجرد بلوغ الخبر وإن كان في الواقع غير واقع (4) فإذا تعارض الدليلان المعتبران أو الضعيفان ودل أحدهما على الندب صدق (بلوغ الخبر على الثواب) فيؤخذ به، ولا يبحث عن صحته وفساده، وكذلك في فتوى الفقيه والخبر الخالي عن المعارض.
فإن قلت: لا يشمل هذه الأخبار سوى الخبر الخالي عن المعارض، فتعميمه للصور الخمسة لا وجه له.