الماضي عن مقتضاه، فإن غاية تأثيرها إنما هو من حين وقوعها، لا فيما قبلها من الكيفية.
لكن قد ورد في الشرع موارد قد انخرمت فيها هذه القاعدة، بمعنى أن ظاهرها انقلاب ما مضى بما سيأتي بجعل الشارع، وتأثير الأمر المتأخر في المتقدم.
وفي ذلك مباحث:
فلنورد أولا تلك الموارد، ثم نتكلم فيها على مقتضى القواعد، حتى يجعل قانونا كليا في هذا الباب يهتدي به أهل البصيرة وأولوا الألباب (1).
منها: أيام الاستظهار في الحيض، فإنهم حكموا بأنه لو تجاوز الدم العشرة كشف عن أنه استحاضة، وإذا لم يتجاوز فهو حيض. ومن الواضح أن الدم الموجود إن كان حيضا فلا ينقلب بالتجاوز، وإن لم يكن منه فلا يكون منه بالانقطاع. وليس هذا مثل الأمثلة التي ذكرناها سابقا، إذ هذا يتوقف على شئ متأخر ممكن الحصول والعدم بخلاف ما سبق، فإن ذلك مقارن له وجودا أو عدما، ولكنه غير معلوم للمكلف.
ومنها: صوم المستحاضة بالكبرى بناءا على احتياجها بالأغسال الليلية أيضا، فإن الصوم متى تم فلا ربط له بغسل الليل، مع أن مقتضى احتياجها: أنها لو اغتسلت في الليلة الآتية صح الصوم وإن تركت بطل (2).
ومنها: في نية القصر والإتمام في محل التخيير، فإنهم يقولون: إذا نوى أحدهما وعدل في الأثناء وبنى على الاخر بني الأمر على الثاني، ويعود القصر تماما، وبالعكس.