الكلي الطبيعي الأفراد الممكنة في الان المتأخر، فإن إمكان بعض الأفراد في الان المتأخر لا يؤثر في وجود الكلي ومقدوريته، بل يصدق عليه أنه متعذر، فلا وجه لقياس المقام بالإمكان في بعض الأفراد بالزمن الأول.
والجواب عن الثاني: أن التيمم خرج بالدليل، وقد أفتى به المشهور. فإلحاق غيره به لا دليل عليه، والمناط غير منقح.
والفارق: أن مدار مصيرنا على التخيير إطلاق الدليل الدال على البدلية - كما قررناه - وتوجه الخطاب من أول الوقت إن مختارا فمختارا وإن مضطرا فمضطرا، وليس الدليل في التيمم كذلك، فإن إطلاق قوله تعالى: فلم تجدوا ماءا فتيمموا (1) قد تقيد بالنصوص الدالة على أنه لا يتيمم (2) إلا عند الضيق، فيصير المعنى: إن لم تجدوا ماءا في جميع الوقت حتى انتهى إلى آخر أوقات الإمكان عادة فاللازم التيمم، بخلاف سائر الأعذار، إذ ليس فيها ما يقيد الدليل، وإلا لقلنا به.
مضافا إلى أنه يمكن الفرق أيضا اعتبارا: من أن غالب الاحتياج إلى التيمم إنما هو لفقد الماء، والأعذار الاخر قليلة الوقوع (3) مثل الخوف ونحوه، والغالب أن فاقد الماء إذا تفحص وانتظر يجد الماء، فلهذا سد الشارع هناك باب التعجيل، ولم يجعله منوطا بزعم المكلف أيضا على ما نختاره من عدم الفرق بين الرجاء وعدمه، نظرا إلى زوال العذر فيه في أغلب الأفراد، بخلاف سائر الأعذار، فإن الابتلاء بها غالب وزوالها في أوقات التوسيع نادر، فرخص في الإتيان من أول الأمر حذرا من فوت الواجب من أصله، وهذا الذي ذكرناه حكمة مقربة للدليل، وإلا فالمتبع النص، فتدبر.
ومن هنا ظهر ضعف القول بالتفصيل، حتى في مسألة التيمم - كما ذهب إليه جماعة من أفاضل من تأخر (4) - لأن الذي عللوه به: أن مع عدم الرجاء يسقط عنه