للمسبب، والثاني إما أن يوجب شيئا أم لا.
والثاني واضح الفساد، لتساوي الأمرين في السببية، فكيف يوجب أحدهما المسبب دون الاخر؟ ولعدم الفرق بين التقدم والتأخر في ظاهر الدليل، ولا ريب أن هذا اللاحق لو كان وقع سابقا لثبت به المسبب، فتعين أن الثاني أيضا مثبت.
فنقول: إن كان ما يثبت (1) به غير ما ثبت بالأول فهو المطلوب، وإن كان عينه لزم تقدم المسبب على السبب وهو محال.
وبعبارة أخرى: السبب المتعاقب مثبت للمسبب، لعموم دليل السببية، ولا بد من كون الثابت به غير الأول، وإلا لزم تقدم الأثر على المؤثر، ولا وجه لذلك.
وأورد الفاضل المعاصر هنا إيرادات:
أحدها: أن هذا الدليل أخص من المدعى، لاختصاصه بما لو دل دليل السببية على تجدد المسبب وحدوثه بحدوث السبب، كقوله: (البول يوجب الوضوء، والنوم يوجب الوضوء) وأما مثل قوله: (من بال فليتوضأ) فلا، لأن ورود الأوامر المتعددة على شئ واحد جائز، كورود أزيد من ألف أمر بالصلاة والزكاة ونحوهما.
وثانيها: أنه على تقدير تسليم إثبات السبب الاخر غير ما أثبته الأول، فإنما يثبت الحكم دون تعدد الفعل، فيرجع الكلام إلى أن الغسل الواحد للجنابة والحيض تعلق به وجوبان، لا أنه يجب تعدد الغسل، وأحدهما غير الاخر من دون تلازم.
وثالثها: أن إرادة المسبب المغائر للأول توجب استعمال ألفاظ المسببات في حقيقته ومجازه أو في حقيقتيه في استعمال واحد، ضرورة إرادة الماهية و (2) مطلق الفرد - على اختلاف القولين - عند عدم تعددها، وذلك غير جائز. فإذا قال