إما الصدق عند المتشرعة فيثبت بذلك أن الهيئة أحد الأمرين، أو الإجماع، أو الأخبار الدالة على الحكم.
وهذا هو مقام إثبات أصل الماهية والأجزاء والشرائط والهيئة بطرقها المقررة.
والمقام الثاني: أن بعد ثبوت أن الهيئة ذلك - مثلا، كما لو ثبت أن الزائد عن سورة واحدة ليس من الصلاة، أو السورة الواحدة لازمة فيها بالنص، ولكن لا ندري أن الزائد يبطل أو لا؟ ولا ندري أن نقصان السورة مبطل كالركوع أم لا؟ - مقتضى القاعدة: أن نقص كل شئ ثبت أنه داخل في الهيئة وزيادة كل شئ ثبت بالدليل الشرعي أنه ليس مما اعتبر في العبادة مبطل لها، والوجه في ذلك أمور:
أحدها: ما مر من أن الهيئة بعد ثبوتها داخلة فيما اعتبرها الشارع عبادة.
وصدق الاسم بدونها على مذهب من يقول بالأعم لا ينفع في شئ، إذ الأعم ليس مأمورا به بعد قيام دليل على الخصوصية، ولا ريب أن النقص مغير للهيئة، لأن الجزء اللاحق للمتروك يلحق الجزء السابق عنه، وهو هيئة مغايرة، وكذلك في الزيادة، لأن تخلل الزائد مغير لهيئة المتلاحقين، فيغير هيئة المجموع المركب، وذلك واضح.
وثانيها: قاعدة الاشتغال، المقررة على مذهب من يقول بكون الأسامي للصحيحة: بأن الشك في كون الزائد والناقص مانعا يوجب الشك في صدق الاسم فلا يقع الامتثال، وعلى مذهب من يقول بالأعم: بأن المانع المشكوك وإن اندفع مانعيته، بمعنى: أن الجزء الناقص - مثلا - وإن نفينا كونه مبطلا بأصالة عدم المانعية، لكن مقتضى الارتباط النفس الأمري في أجزاء العبادات المركبة: أنه لو كان هذا الناقص مبطلا وجزءا مقوما للعمل فالاجزاء الباقية أيضا غير نافعة، لقضية الارتباط، فالبراءة والامتثال لا يحصل إلا بإتيان الناقص وترك الزائد حتى يحصل القطع بالامتثال بما علم ثبوت التكليف به.