صورة التقابل السابق، وقد مر حكمه آنفا.
ومنها: ما يكون الوصفان موردا، كما لو سئل عن أفعال الفريضة، فقال عليه السلام:
(إنها التكبير والقراءة والركوع والسجود) ونحوها، أو سئل عمن شك في الفريضة، قال: (يبني على الأقل) أو عن الجماعة في المندوب، قال: (لا) أو نحو ذلك بحيث لم يكن التقييد بأحد الوصفين مأخوذا في خطاب الشارع مجعولا عنوانا للحكم. والظاهر في المقام أيضا الحكم باتحاد الحكم، للوجوه الماضية المتقدمة، من دون وجود معارض ظاهر، فلا تذهل.
والرابع والخامس: تعلق الحكم بفرد من الواجب والمندوب، وله أيضا صور:
أحدها: أن يكون ذكر فرد في قبال فرد آخر، كأن يقال: (الشك في الصبح والمغرب مبطل، دون الرباعيات) و (في صلاة الآيات كل ركعة خمس ركوعات، دون اليومية) و (في نافلة الوتر ينبغي الدعاء لأربعين مؤمنا في القنوت، دون الشفع). وفي هذه الصورة لا يتعدى الحكم إلى الأفراد الاخر من الواجب والمندوب، فضلا عن التعدي من الندب إلى الفرض أو بالعكس، لأن ظاهر الاختصاص بهذا الحد ينبئ عن خصوصية في المقام، ولو كان الحكم عاما لما كان للتخصيص معنى.
وقد يقال: غاية ما في الباب عدم التعدي إلى الفرد المقابل المذكور، وأما إلى غيره من سائر أفراد نوعه أو إلى أفراد النوع الآخر فلا مانع من ذلك، وما مر من الأدلة قاضية به، فدعوى الاختصاص هنا عدول عما قررت سابقا.
قلت: هذا غفلة عن فهم الدليل، فإنه بعد ما ذكر من المقابلة بين الأفراد، فكما يمكن إلحاق الأفراد الاخر من نوعه أو من النوع الآخر إلى الفرد الأول، فكذلك يمكن إلحاقه إلى الفرد المقابل المغائر، فيتعارض قاعدة الإلحاق في المقامين بالنسبة إلى الفردين، فلا يبقى بعد ذلك حجة في الإلحاق، ولذلك صورة التقابل أخرجناها من جريان قاعدة الموافقة في الحكم، فتبصر.