ترك ذلك بالنسبة إليه فيعد تخفيفا عرفا، إذ ليس الإهانة والتخفيف إلا تنزيل ذلك الشئ عن مرتبته، وعدم ملاحظة شأنه تنزيل له عن مرتبته، فإن المؤمن العارف شأنه إذا ورد مجلسا أن يقام له ويجعل له ما يناسبه من المكان، فإذا ترك ذلك له فهو إهانة بالنسبة إليه وتخفيف، فيكون محرما.
والحق: أن ترك التعظيم أعم من الإهانة، إذ قد يكون بعض أفراد التعظيم لو ترك لا يعد إهانة وإن كان فعله تعظيما، فينبغي أن يقال: إن التعظيم قسمان:
أحدهما: مراعاة مرتبة الشئ والسلوك معه على مقتضى شأنه ومرتبته عرفا وعادة أو شرعا، وترك هذا يسمى إهانة وهي محرمة.
وثانيهما: مراعاته زائدا على ذلك، فإنه أمر مطلوب، فإنه لو جاء عالم فالقيام له وجعل مكان لائق له حفظ لمرتبته، وأما تقبيل يده والقعود عنده في غاية التأدب والكلام معه في غاية الحياء ومشايعته وقت الذهاب وإحضار بعض التعارفات له زيادة تعظيم لو ترك لا يسمى إهانة، فهذا القسم من التعظيم لا يمكن القول بوجوبه باستلزام تركه الإهانة، لما قد عرفت أنه لا يعد تركه إهانة، إلا أن يقوم دليل على وجوب التعظيم.
وقد استدل على ذلك بقوله تعالى: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب (1).
والكلام في كيفية دلالته وما ذكر فيه اللغويون والمفسرون طويل لا حاجة إلى ذكره، ونذكر ما هو المحتاج إليه في ضمن الرد والبحث.
فنقول: قد أورد على دلالته بوجوه:
أحدها: أن الظاهر مما ذكره أهل اللغة والتفسير أن الشعائر محتملة لمعان أربعة:
أحدها: أن يراد علامات دين الله وطاعته عموما، فيشمل سائر المحترمات،