عدم التداخل ليس المنشأ إلا اختلاف النسبة وكون كل كاشفا عن مصلحة أخرى، ونرى أنه موجود في جميع صور البحث. على أن الظاهر إذا اقتضى تعدد العلة - كما هو واضح لمن تدبر - فلا وجه لهذا الكلام.
مضافا إلى أن الأدلة الدالة على التداخل دالة على أن الظاهر من الأسباب عدمه (1) من جهات:
أحدها: أنه عبر في رواية زرارة: بأنه (إذا اجتمع لله عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد) (2) ونحو ذلك من العبارات. وظاهر جمع (الحقوق) أن مقتضى الأسباب كون ذلك متعددا، لأن ظاهر كونه حقا عليه وجوبه عليه.
فعلم من ذلك: أن الأنواع المتداخلة كل منها حق ثابت في ذمة المكلف، والمفروض أنه ليس على ذلك دليل من الشارع سوى الأوامر والأسباب، وليس ذلك من كون العبارة أولا بيانا للأثبات ثم الإسقاط، بمعنى: أن الشارع يقول: إذا تعدد عندك الأسباب فأنت لا تدري هل الحق واحد أو عليك حقوق؟ وأنا أبين لك أنه حينئذ يصير عليك حقوق، لكن أنا أكتفي منك بالواحد، بل المراد: أني لو لم أقل بالاجتزاء بالواحد لكنت بانيا على التعدد، لما فهمته من أدلة الأسباب، لكن أبين لك عدم كونها على ظاهرها كما تخيلت، بل الواحد مجز.
على أنا نقول: لو كان هذا مثبتا للتعدد ثم مسقطا لكفانا أيضا، إذ ظاهر النص سقوط التعدد الثابت، فما لم يقم دليل على سقوطه في مقامات اخر الأصل عدم الأجزاء.
وثانيها: أن ظاهر لفظ (الأجزاء) في أدلة التداخل قاض بأنه لولا هذا الدليل لكان المسبب متعددا.