وسابعها: الاستقراء في أحوال العامل، فإنا نرى غالبا أنه إذا أراد إيجاد شئ مترتب بعضه على بعض يوجده (1) على حسب ما هو عليه غالبا، والخلل والترك في جنب ذلك نادر جدا، فإذا شك في الترك والعدم فيرجع إلى الشك في كون هذا العمل من الأفراد الغالبة أو النادرة، ولا ريب أن الإلحاق بالغالب أولى.
وثامنها: أصالة الصحة في فعل المسلم المدلول عليه بالإجماع والنصوص - كما يقرر في محله - وهو عام لفعل نفس الإنسان وغيره. ودعوى اختصاصه بالغير ممنوعة.
قيل: هذا لا يستلزم عدم الالتفات، إذ غايته البناء على الصحة، وقد يكون مع الترك أيضا صحيحا غير موجب لشئ، أو موجبا لقضاء أو سجدة سهو أو كفارة ونحو ذلك.
قلنا: نتمسك بالأصل في صورة ما إذا كان الشك في شئ لو لم يبن فيه على الصحة لبطل، كالشك في ترك ركن أو في إحداث مانع أو بقائه ونحو ذلك، ونتممه في بقية الصور بالإجماع المركب أو بعدم القول بالفصل، فتأمل فيما أسلفناه سابقا من عدم حجيته (2) بضميمة الأصل.
والجواب: أن ذلك الأصل: الاعتباري العملي العقلي، وأما الأصل الشرعي بمعنى القاعدة المنصوصة فلا بأس بحجيته، وليس مقام بيانه.
إذا عرفت هذه المقدمات، فنقول: لا ريب في شمول هذه الأدلة للشك الابتدائي من دون سبب سابق في أجزاء العمل بعد الفراغ من جزء ودخول في جزء آخر مرتب شرعا مستقل في الاسم، بمعنى الشك في إتيانه وعدمه، لأنه المتبادر من (التجاوز) و (المضي) و (الدخول في الغير) سيما بقرينة مورد الروايات في أجزاء الصلاة، كما عرفت.