بل ظاهرها أن تعظيمها من تقوى القلوب، وأين ذلك من الوجوب؟
والجواب عنه: بأن ذلك إذا علم أنه من التقوى فيمكن إثبات الوجوب بأحد أمرين:
أحدهما: أن التقوى إنما هو الحذر عن أمر مخوف، فعلم من ذلك أن هناك شئ يخاف منه، فينبغي الحذر عنه بتعظيم الشعائر، وكل ما هو كذلك فهو واجب، إذ لا خوف في مخالفة (1) المستحب حتى يحذر عنه، فكونه من التقوى والحذر أمارة العقاب على تركه.
وثانيهما: أن هذه الآية نجعلها صغرى ونثبت وجوب التقوى بقول مطلق بالآيات الكثيرة الامرة بالتقوى، كقوله تعالى: وإياي فاتقون (2) وقوله تعالى:
واتقوا الله إن كنتم مؤمنين (3) وغير ذلك مما لا يحصى. وبما دل على الذم بمخالفة التقوى والعتاب واللوم على غير المتقين في الآيات والروايات.
فنقول: تعظيم الشعائر من التقوى للآية، وكل تقوى واجب للإطلاق في الأوامر، فتعظيم الشعائر واجب، وهو المطلوب.
وثالثها: أنه على فرض إفادته الوجوب لا يفيد إلا وجوب مطلق التعظيم، لا جميع أفراده، والذي ينفع في مقام الاستدلال إنما هو إثبات العموم.
والجواب: أن ظاهر الآية كون التعظيم مطلقا من تقوى القلوب، ففي كل فرد من أفراده نقول: هو من التقوى بالآية، وكل تقوى واجب، فيفيد وجوبه، إلا في مقام دل الدليل على عدم وجوبه.
وقد يستدل أيضا بما في الكافي عن ابن عمار، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إ ذا رميت الجمرة فاشتر هديك إن كان من البدن أو من البقر، وإلا فاجعل كبشا سمينا فحلا، فإن لم تجد فموجوءا من الضأن، فإن لم تجد فتيسا فحلا، فإن لم تجد فما تيسر عليك، وعظم شعائر الله... الحديث (4).
فإن ظاهر الأمر هو الوجوب.