حرارة الكبد غير ضرر المال والبدن، وانجبار ضرر حرارة الكبد والألم الواصل للمكلف بمجرد التضرر لا يرفع ضرر المال، ونظائر ذلك مما دل على الأجر للصابرين في البلايا كثيرة، لكنها كلها دالة على وصول الثواب للألم القلبي. وأما تلف المال فهو ضرر آخر، فتدبر.
وأما غير المضر - من سائر المكلفين - لو بنينا على اندفاع الضرر منه لزم حدوث الضرر من وجه آخر، إذ جبر هذا الضرر لا يصير إلا بتلف مال أو نحوه من الجابر، فهو ضرر محتاج إلى جابر آخر، فيلزم التسلسل من ذلك أو الدور، وهو مما لا ينفع في ارتفاع الضرر، فتدبر، فإنه تحقيق واف بالمرام.
وأما بيت المال، فإن كان بيت مال الأمام فيلزم منه الضرر على الأمام، وهو من جملة المكلفين وسيدهم، ولزوم الضرر عليه من أفحش أفراد الضرر. وإن كان بيت مال المسلمين، فهو ضرر على المسلمين كافة، ولا يرضى به القاصر، فضلا عن الفقيه الماهر!
فانحصر الطريق في رفع هذا الضرر إلى نفس من أحدثه لا غيره، وهو المدعى. وليس هذا إثبات الانحصار من دليل خارج، كما تخيله الفاضل المعاصر (1)، بل إنما هو فهم للمدعى من نفس أدلة نفي الضرر لمن رزقه الله الفهم المستقيم وأرشده إلى النهج القويم.
ففتوى الأصحاب بضمان الضار والمتلف وغير ذلك في جميع موارد الضرر أو أكثرها - كما عرفت - موافق لنفس قاعدة الضرر كما أوضحنا لك.
وهذا هو مقتضى فهم فقه القاعدة لمن كان من أهلها، ومجرد التخيلات الناشئة عن عدم التدبر في أطراف الكلام لا ينبغي أن يصغى إليها في المقام.
المقام الثاني: أنه بعد ما وجب رفع الضرر على نفس المضر بمعنى: لزوم ارتفاعه بشئ يرجع إليه - إذ بعد التقابل والتساقط لا يعد هذا ضررا على شئ