الإتيان في كل زمان بمقتضى تكليفه في تلك الحالة، أو يفصل بين الرجاء والعدم؟
فالأكثر على التخيير إلا فيما خرج بدليل خاص، لأصالة عدم لزوم التأخير، وعدم تعين الإيقاع في آخر أوقات الإمكان، ولاستصحاب بقاء التخيير مع عدم دليل صالح على رفعه، ولإطلاقات الكتاب والسنة في أصل الواجبات الموسعة، كقوله تعالى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا... فلم تجدوا ماء فتيمموا (1) وأقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل (2) و (من فاتته فريضة فليقضها كما فاتت) (3) ونظائر ذلك من الخطابات الدالة على أن بمجرد دخول وقت المأمور به يكون المكلف مأمورا بالإتيان بالمأمور به أمرا تخييريا بالنسبة إلى أجزاء الوقت، أو بالنسبة إلى مدة العمر فيما وسع فيه كذلك، فمتى ما أتى بالمأمور به على حسب ما هو عليه في أي حالة كان من أجزاء زمن التوسيع فقد أتى بالمأمور به، والأمر الشرعي يقتضي الأجزاء، فلا إعادة عليه ولا قضاء، كما أنه لم يترك بذلك واجبا، ولأن التخيير في شئ والتوسيع فيه تخيير وتوسيع في لوازمه.
وبيان ذلك: أن الشارع جعل لواجد الماء الوضوء مثلا، ولفاقده التيمم، وللعاجز القعود، وللقادر القيام، ونظائر ذلك من الأعذار التي جعلت عناوين للأحكام الشرعية، في قبال المختار الخالي عن العذر مثل ذلك (4). ولا ريب أن المكلف قابل لطريان هذه العناوين المختلفة عليه، فتارة هو مريض، وتارة صحيح، ومرة مسافر، ومرة حاضر، ومرة عاجز، وأخرى قادر، ونحو ذلك، فيمكن انقلاب العناوين المجعولة موضوعا للأحكام في المكلف في جمع الأحوال والأزمان.