فلنقدم أولا أمثلة متفرقة في أبواب الفقه في هذا الباب، ثم نشرع في النقض والإبرام.
منها: ما ذكروه في من شك في المتأخر من الطهارة أو الحدث مع تيقنهما (1) وحكموا في ذلك بلزوم الطهارة تحقيقا للشرطية، ولم يفصلوا في صور المسألة بين كونهما مجهولي التاريخ، أو كون تاريخ الطهارة معلوما دون الحدث، أو بالعكس، مع أن في الصورة الأخيرة ينبغي الحكم بالطهارة، لأصالة التأخر، فلا معنى للزوم طهارة جديدة.
ومنها: في مسألة الشك في كون وجود الحاجب في حالة الغسل والوضوء أو بعدهما، فمن وجد حاجبا بعد الوضوء والغسل ولا يدري أن الحاجب سابق أو الغسل فحكموا بالصحة بعد الفراغ، مع أن من صورها كون وضع الحاجب معلوم التاريخ والغسل مجهولا، فالأصل تأخر الغسل فيكون حاجبا. وحكموا بلزوم الإيصال لو شك في الأثناء، مع أن في صورة العلم بزمان الغسل والشك في زمان وصول الحاجب الأصل تأخره.
ومنها: لو ذكر فوات صلاتين ولم يذكر الترتيب حكم المشهور بالسقوط، مع أن من صوره: كونه عالما بفوات صلاة الصبح في أول الشهر ولا يدري أن صلاة الظهر فاتت قبله أو بعده، فمقتضاه لزوم تقديم الصبح على الظهر، لأصالة تأخر الفوت.
ومنها: لو تلف جزء من النصاب وشك في كون تلفه قبل حلول الحول أو بعده، فالحكم فيه البراءة، للشك في حصول الشرط، مع أن من صوره: العلم بتاريخ الحول والشك في تاريخ التلف، فمقتضى أصالة التأخر لزوم الزكاة.
ومنها: لو تيقن فوات صلاة لا يدري أنه في سفر أو حضر فالحكم الجمع بين القصر والإتمام لقاعدة الشغل، مع أنه لو علم تاريخ السفر ولم يعلم الفوات