حكمنا بأنه صحيح مسقط للقضاء يجئ في هذه أيضا، وما حكمنا فيه بلزوم القضاء نحكم فيها أيضا كذلك [والكلام الكلام] (1).
تنبيه:
هذا الذي ذكرناه كله إنما هو بناءا على ما قررناه من عدم تبعية الأحكام للعلم والجهل، بل كونها واقعية مشروطة بالعلم - كما عرفت - وقد يتفق في بعض الأحكام الشرعية دليل دال على كونها منوطة بالعلم، بمعنى: كون واقعها كذلك، كما قد اتفق في مسألة الجهر والإخفات، والقصر والإتمام، ولهذا يقولون: بأن الجاهل فيهما معذور لو أتى بخلاف ما هو الواقع.
ولعل السر في ذلك: قيام دليل وجوبهما إنما هو على العالم دون الجاهل، فالعلم والجهل فيهما منوعان للمكلف، كأصل السفر والحضر، ووجدان الماء وفقدانه، ونظائرهما من الأحوال الطارئة الموجبة لتغير الموضوع المغير للحكم، وليس في غيرهما العلم والجهل منوعا لإطلاق الأدلة.
وليس معنى المعذورية فيهما: كون الواقع هو الوجوب على الجاهل أيضا لكنه سقط الإعادة والقضاء لطفا من الشارع وتخفيفا منه، وإن كان الفرق بين هذين مما لا ثمرة فيه (2) يعتد بها.
وبالجملة: الأوفق بالقواعد كون واقعيتهما كذلك، فمن كان جاهلا بالجهر لا يجب عليه واقعا، كالعاجز، فتبصر.
وأنت بعد الإحاطة بالضابط الذي ذكرناه تقدر على استنباط الفروع في كل من أخل بشرط من العبادة، أو جزء منها، أو شرط جزء، أو جزء شرط، أو شرط شرط، أو جزء جزء، جاهلا بالحكم، أو ناسيا، أو مخطئا، أو غافلا، فتبين خلافه