وإلا فلم يكن قد توضأ، أو سمي التيمم وضوءا مجازا (ولم يعد الاخر، ثم أتيا رسول الله (ص)، فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد: أصبت السنة) أي الطريقة الشرعية (وأجزأتك صلاتك) لأنها وقعت في وقتها، والماء مفقود، فالواجب التراب (وقال للاخر) الذي أعاد: (لك الاجر مرتين) أجر الصلاة بالتراب، وأجر الصلاة بالماء (رواه أبو داود، والنسائي). وفي مختصر السنن للمنذري: أنه أخرجه النسائي مسندا، ومرسلا. وقال أبو داود:
إنه مرسل عن عطاء بن يسار. لكن قال المصنف: هذه الرواية رواها ابن السكن في صحيحه، وله شاهد من حديث ابن عباس، رواه إسحاق في مسنده: أنه (ص) بال، ثم تيمم، فقيل له: إن الماء قريب منك، قال: فلعلي لا أبلغه. والحديث دليل على جواز الاجتهاد في عصره (ص)، وعلى أنه لا يجب الطلب والتلوم له: أي الانتظار، ودل على أنه لا تجب الإعادة على من صلى بالتراب، ثم وجد الماء في الوقت بعد الفراغ من الصلاة. وقيل:
بل يعيد الواجد في الوقت، لقوله (ص): فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته.
وهذا قد وجد الماء. وأجيب: بأنه مطلق فيمن وجد الماء بعد الوقت، وقبل خروجه، وحال الصلاة، وبعدها. وحديث أبي سعيد هذا فيمن لم يجد الماء في الوقت حال الصلاة، فهو مقيد فيحمل عليه المطلق، فيكون معناه: فإذا وجدت الماء قبل الصلاة في الوقت فأمسه بشرتك، أي: إذا وجدته، وعليك جنابة متقدمة، فيقيد به، كما قدمنا. واستدل القائل بالإعادة في الوقت:
بقوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) * والخطاب متوجه مع بقاء الوقت. وأجيب: بأنه بعد فعل الصلاة لم يبق للخطاب توجه إلى فاعلها، كيف؟ وقد قال (ص):
وأجزأتك صلاتك للذي لم يعد، إذ الاجزاء: عبارة عن كون الفعل مسقطا لوجوب إعادة العبادة، والحق أنه قد أجزأه. (وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عز وجل: * (وإن كنتم مرضى أو على سفر) * قال: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله) أي: الجهاد (والقروح) جمع قرح، وهي: البثور التي تخرج من الأبدان، كالجدري، ونحوه (فيجنب) تصيبه الجنابة (فيخاف) يظن (أن يموت إن اغتسل تيمم، رواه الدارقطني موقوفا) على ابن عباس (ورفعه) إلى النبي (ص) (البزار، وصححه ابن خزيمة، والحاكم). وقال أبو زرعة، وأبو حاتم: أخطأ فيه علي بن عاصم. وقال البزار: لا نعلم من رفعه عن عطاء من الثقات إلا جريرا. وقد قال ابن معين:
إنه سمع من عطاء بعد الاختلاط، وحينئذ فلا يتم رفعه. وفيه دليل على شرعية التيمم في حق الجنب إن خاف الموت. فأما لو لم يخف إلا الضرر، فالآية وهي قوله تعالى: * (وإن كنتم مرضى) * دالة على إباحة المرض للتيمم، سواء خاف تلفه، أو دونه، والتنصيص في كلام ابن عباس على الجراحة، والقروح، إنما هو مجرد مثال. وإلا فكل مرض كذلك. ويحتمل أن ابن عباس يخص هذين من بين الأمراض، وكذلك كونها في سبيل الله مثال. فلو كانت الجراحة من سقطة، فالحكم واحد، وإذا كان مثالا، فلا ينفي جواز التيمم لخشية الضرر، إلا أن قوله: أن يموت يدل على أنه لا يجزئ التيمم إلا مخافة الموت، وهو قول أحمد، وأحد قولي الشافعي. وأما الهادوية،