الحفنة: بالمهملة فنون: ملء الكف، كما في النهاية، وبكسر الحاء، وفتحها كما في القاموس، وفي حديث ميمونة: ثم أفرغ على رأسه ثلاث حفنات ملء كفيه، إلا أن أكثر روايات مسلم: ملء كفه بالافراد ثم أفاض) أي: الماء (على سائر جسده) أي بقيته. ولفظ حديث ميمونة ثم غسل بدل أفاض (ثم غسل رجليه. متفق عليه واللفظ لمسلم).
(ولهما) أي: الشيخين (من حديث ميمونة) في صفة الغسل من ابتدائه إلى انتهائه، إلا أن المصنف اقتصر على ما لم يذكر في حديث عائشة فقط: (ثم أفرغ على فرجه وغسله بشماله ثم ضرب بها الأرض وفي رواية: فمسحها بالتراب وفي اخره ثم أتيته بالمنديل) بكسر الميم وهو معروف (فرده - وفيه: وجعل ينفض الماء بيده) وقيل هذا اللفظ في حديثهما: ثم تنحى عن مقامه ذلك، فغسل رجليه، ثم أتيته إلى اخره وهذان الحديثان مشتملان على بيان كيفية الغسل من ابتدائه إلى انتهائه، فابتداؤه غسل اليدين قبل إدخالهما في الاناء إذا كان مستيقظا من النوم، كما ورد صريحا، وكان الغسل من الاناء، وقد قيده في حديث ميمونة مرتين، أو ثلاثا، ثم غسل الفرج. وفي الشرح: أن ظاهره مطلق الغسل، فيكفي مرة واحدة. ودلك الأرض لأجل إزالة الرائحة من اليد، ولم يذكر أنه أعاد غسل الفرج بعد ذلك، مع أنها إذا كانت الرائحة في اليد، فهي باقية في الفرج، هذا ما يفهم من الحديث. ويدل على أن الماء الذي يطهر به محل النجاسة طاهر مطهر، وعلى تشريك النية للغسل الذي يزيل النجاسة برفعها الحدث. واستدل به على أن بقاء الرائحة بعد غسل المحل لا يضر. ويدل على أن غسل الجنابة مرة واحدة، هذا كلامه، ويحتمل أنها لم تبق رائحة، بل ضرب الأرض، لإزالة لزوجة اليد، إن سلم أنها تفارق الرائحة. وأما وضوءه قبل الغسل فإنه يحتمل أنه وضوءه للصلاة، وأنه يصح قبل رفع الحدث الأكبر، وأن يكون غسل هذه الأعضاء كافيا عن غسل الجنابة، وأنه تتداخل الطهارتان، وهو رأي زيد بن علي والشافعي وجماعة، ونقل ابن بطال الاجماع على ذلك، ويحتمل أنه غسل أعضاء الوضوء للجنابة، وقدمها تشريفا لها، ثم وضأها للصلاة، لكن هذا لم ينقل أصلا، ويحتمل أنه وضأها للصلاة، ثم أفاض عليها الماء مع بقية الجسد للجنابة، ولكن عبارة: أفاض الماء على سائر جسده لا تناسب هذا إذ هي ظاهرة: أنه أفاضه على ما بقي من جسده مما لم يمسه الماء، فإن السائر: الباقي، لا الجميع قال في القاموس: والسائر: الباقي، لا الجميع، كما توهم جماعات. فالحديثان ظاهران في كفاية غسل أعضاء الوضوء مرة واحدة عن الجنابة: وأنه لا يشترط في صحة الوضوء رفع الحدث الأكبر.
ومن قال: لا يتداخلان، وأنه يتوضأ بعد كمال الغسل، لم ينهض له على ذلك دليل. وقد ثبت في سنن أبي داود: أنه (ص) كان يغتسل ويصلي الركعتين، وصلاة الغداة، ولا يمس ماء، فبطل القول بأنه ليس في حديث ميمونة، وعائشة: أنه صلى بعد ذلك الغسل، ولا يتم الاستدلال بالتداخل، إلا إذا ثبت: أنه صلى بعده. قلنا: قد ثبت في حديث السنن صلاته به. نعم لم يذكر المصنف في وضوء الغسل: أنه مسح رأسه، إلا أن يقال: قد شمله قول ميمونة: وضوءه للصلاة.
وقولها: ثم أفاض الماء الإفاضة الإسالة. وقد استدل به على عدم وجوب الدلك، وعلى أن