مواضعه، ووفى كل عضو حقه. وفي غيره مثله. فليس التثليث للأعضاء من مسماه، ولكن التثليث مندوب، ولا يزيد على الثلاث، فإن شك هل غسل العضو مرتين، أو ثلاثا جعلها مرتين.
وقال الجويني: يجعل ذلك ثلاثا، ولا يزيد عليها مخافة من ارتكاب البدعة. وأما ما روي عن ابن عمر: أنه كان يغسل رجليه سبعا، ففعل صحابي لا حجة فيه، ومحمول على أنه كان يغسل الأربع من نجاسة لا تزول إلا بذلك. ودليل: على إيجاب تخليل الأصابع، وقد ثبت من حديث ابن عباس أيضا كما أشرنا إليه، وهو الذي أخرجه الترمذي، وأحمد، وابن ماجة، والحاكم، وحسنه البخاري. وكيفيته أن يخلل بيده اليسرى بالخنصر منها، ويبدأ بأسفل الأصابع. وأما كون التخليل باليد اليسرى، فليس في النص، وإنما قال الغزالي: إنه يكون بها قياسا على الاستنجاء.
وقد روى أبو داود، والترمذي من حديث المستورد بن شداد: رأيت رسول الله (ص) إذا توضأ يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه وفي لفظ لابن ماجة: يخلل بدل: يدلك.
والحديث: دليل على المبالغة في الاستنشاق لغير الصائم، وإنما لم يكن في حقه المبالغة لئلا ينزل إلى حلقه ما يفطره، ودل على ذلك أن المبالغة ليست بواجبة، إذ لو كانت واجبة لوجب عليه التحري، ولم يجز له تركها. وقوله في رواية أبو داود: إذا توضأت فمضمض يستدل به على وجوب المضمضة، ومن قال: لا تجب جعل الامر للندب، لقرينة ما سلف من حديث رفاعة بن رافع، في أمره (ص) للأعرابي بصفة الوضوء الذي لا تجزئ الصلاة إلا به، ولم يذكر فيه المضمضة والاستنشاق.
وعن عثمان رضي الله تعالى عنه: أن النبي (ص) كان يخلل لحيته في الوضوء. أخرجه الترمذي، وصححه ابن خزيمة. (وعن عثمان رضي الله عنه) هو أبو عبد الله عثمان بن عفان الأموي القرشي، أحد الخلفاء، وأحد العشرة، أسلم في أول الاسلام، وهاجر إلى الحبشة الهجرتين، وتزوج بنتي النبي (ص): رقية أولا، ثم لما توفيت زوجه النبي (ص) بأم كلثوم.
استخلف في أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين. وقتل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة الحرام سنة خمس وثلاثين، ودفن ليلة السبت بالبقيع، وعمره اثنتان وثمانون سنة وقيل غير ذلك. (أن النبي (ص) كان يخلل لحيته في الوضوء. أخرجه الترمذي، وصححه ابن خزيمة). والحديث أخرجه الحاكم، والدارقطني، وابن حبان من رواية عامر بن شقيق، عن أبي وائل. قال البخاري: حديثه حسن. وقال الحاكم: لا نعلم فيه ضعفا بوجه من الوجوه. هذا كلامه، وقد ضعفه ابن معين، وقد روى الحاكم للحديث شواهد عن أنس، وعائشة، وعلي، وعمار. قال المصنف: وفيه أيضا عن أم سلمة، وأبي أيوب، وأبي أمامة، وابن عمر، وجابر، وابن عباس، وأبي الدرداء، وقد تكلم على جميعها بالتضعيف إلا حديث عائشة، وقال عبد الله بن أحمد، عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شئ. وحديث عثمان هذا دال على مشروعية تخليل اللحية.
وأما وجوبه: فاختلف فيه، فعند الهادوية يجب كقبل نباتها، لأحاديث وردت بالأمر بالتخليل، إلا أنها أحاديث ما سلمت عن الاعلال، والتضعيف، فلم تنتهض على الايجاب.
وعن عبد الله بن زيد، قال: أن النبي (ص) أتي بثلثي مد، فجعل يدلك ذراعيه. أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة. (وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: أن النبي (ص) أتي بثلثي مد) بضم الميم وتشديد الدال المهملة، في القاموس: مكيال، وهو رطلان، أو: رطل وثلث، أو: ملء