متابعته، مع تركهم للتشهد عمدا، وفيه تأمل، لاحتمال أنه ما ذكر أنه ترك وتركوا إلا بعد تلبسه وتلبسهم بواجب اخر.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى النبي (ص) إحدى صلاتي العشي) هو بفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد المثناة التحتية. قال الأزهري:
هو ما بين زوال الشمس وغروبها، وقد عينها أبو هريرة في رواية لمسلم: أنها الظهر، وفي أخرى أنها العصر، ويأتي، وقد جمع بينهما بأنها تعددت القصة (ركعتين، ثم سلم، ثم قام إلى خشبة في مقدم المسجد فوضع يده عليها، وفي القوم) المصلين (أبو بكر وعمر، فهابا أن يكلماه) أي بأنه سلم على ركعتين (وخرج) من المسجد (سرعان الناس) بفتح السين المهملة وفتح الراء هو المشهور، ويروى بإسكان الراء، هم المسرعون إلى الخروج، قيل وبضمها وسكون الراء على أنه جمع سريع كقفيز وقفزان (فقالوا قصرت) بضم القاف وكسر الصاد (الصلاة) وروى بفتح القاف وضم الصاد، وكلاهما صحيح، والأول أشهر (ورجل يدعوه) أي يسميه (النبي (ص) ذا اليدين) وفي رواية: رجل يقال له: الخرباق بن عمرو بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء فباء موحدة، آخره قاف، لقب ذي اليدين، لطول كان في يديه، وفي الصحابة رجل اخر يقال له: ذو الشمالين هو غير ذي اليدين، ووهم الزهري فجعل ذا اليدين وذا الشمالين واحدا، وقد بين العلماء وهمه. (فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟) أي شرع الله قصر الرباعية إلى اثنتين (فقال: لم أنس ولم تقصر) أي في ظني (فقال: بلى قد نسيت، فصلى ركعتين ثم سلم، ثم كبر، ثم سجد مثل سجود أو أطول، ثم رفع رأسه فكبر، ثم وضع رأسه فكبر، فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر. متفق عليه، واللفظ للبخاري).
هذا الحديث قد أطال العلماء الكلام عليه، وتعرضوا لمباحث أصولية، وغيرها، وأكثرهم استيفاء لذلك، القاضي عياض، ثم المحقق: ابن دقيق العيد في شرح العمدة، وقد وفينا المقام حقه في حواشيها، والمهم هنا: الحكم الفرعي المأخوذ منه، وهو: أن الحديث دليل على أن نية الخروج من الصلاة، وقطعها إذا كانت بناء على ظن التمام، لا يوجب بطلانها، ولو سلم التسليمتين، وأن كلام الناسي لا يبطل الصلاة، وكذا كلام من ظن التمام، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف، والخلف، وهو قول ابن عباس، وابن الزبير، وأخيه عروة، وعطاء، والحسن وغيرهم، وقال به:
الشافعي، وأحمد، وجميع أئمة الحديث. وقال به: الناصر من أئمة الال. وقالت الهادوية والحنفية : التكلم في الصلاة ناسيا، أو جاهلا يبطلها مستدلين بحديث ابن مسعود، وحديث زيد بن أرقم:
في النهي عن التكلم في الصلاة، وقالوا: هما ناسخان لهذا الحديث. وأجيب: بأن حديث ابن مسعود كان بمكة متقدما على حديث الباب بأعوام، والمتقدم لا ينسخ المتأخر، وبأن حديث زيد بن أرقم، وحديث ابن مسعود أيضا عمومان، وهذا الحديث خاص بمن تكلم ظانا لتمام صلاته، فيخص به الحديثان المذكوران، فتجتمع الأدلة من غير إبطال لشئ منها. ويدل الحديث أيضا على أن الكلام عمدا الاصلاح الصلاة لا يبطلها، كما في كلام ذي اليدين، وقوله: فقالوا: - يريد الصحابة -: نعم كما في رواية تأتي، فإنه كلام عمد لاصلاح الصلاة. وقد روي عن مالك: أن