أجزأ، إذ هو زيادة فضيلة، وقد عرفت أن الوارد زيادة وبركاته، وقد صحت ولا عذر عن القول بها، وقال به السرخسي، والامام، والروياني في الحلية. وقول ابن الصلاح: إنها لم تثبت قد تعجب منه المصنف وقال: هي ثابتة عند ابن حبان قال المصنف: إلا أنه قال ابن رسلان في شرح السنن: لم نجدها في ابن ماجة. قلت: راجعنا سنن ابن ماجة من نسخة صحيحة مقروءة فوجدنا فيه ما لفظه: باب التسليم حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا عمر بن عبيد عن ابن إسحاق عن الأحوص عن عبد الله أن رسول الله (ص) كان يسلم عن يمينه، وعن شماله، حتى يرى بياض خده:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، انتهى بلفظه: وفي تلقيح الأفكار تخريج الأذكار للحافظ ابن حجر: لما ذكر النووي: أن زيادة وبركاته زيادة فردة ساق الحافظ طرقا عدة لزيادة وبركاته ثم قال: فهذه عدة طرق ثبتت بها: وبركاته بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة، انتهى كلامه. وحيث ثبت أن التسليمتين من فعله (ص) في الصلاة، وقد ثبت قوله: صلوا كما رأيتموني أصلي، وثبت حديث: تحريمها التكبير وتحليلها السلام أخرجه أصحاب السنن بإسناد صحيح، فيجب التسليم لذلك. وقد ذهب إلى القول بوجوبه الهادوية، والشافعية. وقال النووي: إنه قول جمهور العلماء من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم.
وذهب الحنفية، وآخرون إلى: أنه سنة، مستدلين على ذلك بقوله (ص) في حديث ابن عمر: إذا رفع الامام رأسه من السجدة وقعد ثم أحدث قبل التسليم، فقد تمت صلاته فدل على أن التسليم ليس بركن واجب، وإلا لوجبت الإعادة، ولحديث المسئ صلاته، فإنه (ص) لم يأمره بالسلام. وأجيب عنه بأن حديث ابن عمر ضعيف باتفاق الحفاظ، فإنه أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث إسناده ليس بذاك القوي، وقد اضطربوا في إسناده. وحديث المسئ صلاته لا ينافي الوجوب، فإن هذه الزيادة، وهي مقبولة، والاستدلال بقوله تعالى: * (اركعوا واسجدوا) * على عدم وجوب السلام: استدلال غير تام، لان الآية مجملة بين المطلوب منها فعله (ص)، ولو عمل بها وحدها لما وجبت القراءة، ولا غيرها.
ودل الحديث: على وجوب التسليم على اليمين واليسار، وإليه ذهبت الهادوية، وجماعة، وذهب الشافعي: إلى أن الواجب تسليمة واحدة، والثانية مسنونة. قال النووي: أجمع العلماء الذين يعتد بهم: أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة، فإن اقتصر عليها استحب له أن يسلم تلقاء وجهه، فإن سلم تسليمتين، جعل الأولى عن يمينه، والثانية عن يساره، ولعل حجة الشافعي حديث عائشة أنه (ص) كان إذا أوتر بتسع ركعات، لم يقعد إلا في الثامنة، فيحمد الله، ويذكره، ويدعو، ثم ينهض، ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، فيجلس ويذكر الله ويدعو، ثم يسلم تسليمة أخرجه ابن حبان، وإسناده على شرط مسلم. وأجيب عنه: بأنه لا يعارض حديث الزيادة، كما عرفت من قبول الزيادة إذا كانت من عدل. وعند مالك: أن المسنون تسليمة واحدة.
وقد بين ابن عبد البر: ضعف أدلة هذا القول من الأحاديث. واستدل المالكية: على كفاية