وإن لم يكن لعمله أثر في العين، كالحمال والملاح، فكما فرغ من العمل يجب الاجر، وإن لم يسلم العين إلى صاحبه، لان المعقود عليه المنفعة ونفس العمل، فإذا انتهت المدة فقد فرغ من العمل وصار مسلما في العين التي هي ملك صاحبها فلا يسقط الاجر بالهلاك بعده، ولهذا قالوا:
إن كل عمل له أثر في العين هو الذي ملك صاحبه: كان له حق حبس العين، حتى يستوفي الاجر، لان البدل مستحق بمقابلة ذلك الأثر، وما لا أثر له: لا يثبت فيه حق الحبس، لان العمل المعقود عليه ليس في العين ولهذا قالوا إن الحمال إذا حبس المتاع الذي في يده ليستوفي الاجر، فهلك يضمن، لأن العين أمانة في يده، فإذا حبس صار غاصبا، فيضمن.
وأما إذا كان العين المعمول فيه في يد المستأجر، بأن عمل الأجير في ملك المستأجر أو فيما في يده من فناء ملكه ونحو ذلك فإذا فرغ من العمل يستحق كل الاجر وإن لم يفرغ وعمل بعضه يستحق الاجر بقدره ويصير ذلك مسلما إلى صاحبه حتى إنه إذا استأجر إنسانا ليبني له بناء في داره أو فيما في يده، أو يعمل له ساباطا أو جناحا، أو يحفر له بئرا أو قناة أو نهرا في ملكه أو فيما في يده، فانهدم البناء أو انهارت البئر أو سقط الساباط لم يسقط شئ من الاجر إن كان بعد الفراغ، وإن كان قبل الفراغ يجب بقدر حصة العمل.
وأما إذا كان الحفر أو البناء في غير ملكه ويده فلم يصر مسلما إليه بالعمل، فما لم توجد التخلية من الأجير، بين المستأجر وبينه، لا يصير قابضا للمعقود عليه، فإذا فسد قبل ذلك أو هلك سقط الاجر.
وعلى هذا إذا استأجره ليضرب له لبنا في ملكه، فرب اللبن لا يصير قابضا حتى يجف اللبن وينصبه في قول أبي حنيفة، وعندهما حتى