صلى الله عليه وسلم " صلي على قتلي أحد عشرة عشرة في كل عشرة حمزة حتى صلي عليه سبعين صلاة " رواه أبو داود في المراسيل وعن شداد بن الهاد أن رجلا من الاعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وذكر الحديث بطوله وفيه أنه استشهد فصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم رواه النسائي وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " خرج فصلي على قتلي أحد صلاته على الميت " رواه البخاري ومسلم وفى رواية للبخاري صلي عليهم بعد ثمان سنين كالمودع للاحياء والأموات * واحتج أصحابنا بحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم " أمر في قتلي أحد بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا " رواه البخاري وعن جابر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " في قتلى أحد لا تغسلوهم فان كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة ولم يصل عليهم) رواه الإمام أحمد وعن انس أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم رواه أبو داود باسناد حسن أو صحيح (وأما) الأحاديث التي احتج بها القائلون في الصلاة فاتفق أهل الحديث على ضعفها كلها الا حديث عقبة بن عامر والضعف فيها بين قال البيهقي وغيره وأقرب ما روى حديث أبي مالك وهو مرسل وكذا حديث شداد مرسل أيضا فإنهما تابعان وأما حديث عقبة فأجاب أصحابنا وغيرهم بان المراد من الصلاة هنا الدعاء (وقوله) صلاته على الميت أي دعا لهم كدعاء صلاة الميت وهذا التأويل لابد منه وليس المراد صلاة الجنازة المعروفة بالاجماع لأنه صلى الله عليه وسلم بما فعله عند موته بعد دفنهم بثمان سنين ولو كان صلاة الجنازة المعروفة لما أخرها ثمان سنين ودليل آخر وهو أنه لا يجوز أن يكون المراد صلاة الجنازة بالاجماع لان عندنا لا يصلي على الشهيد وعند أبي حنيفة رحمه الله يصلي على القبر بعد ثلاثة أيام فوجب تأويل الحديث ولان أبا حنيفة لا يقبل خبر الواحد فيما تعم به البلوى وهذا منها والله أعلم (فان قيل) ما ذكرتموه من حديث جابر لا يحتج به لأنه نفى وشهادة النفي مردودة مع ما عارضها من رواية الاثبات (فأجاب) أصحابنا بان شهادة النفي إنما ترد إذا لم يحط بها علم الشاهد ولم تكن محصورة (اما) ما أحاط به علمه وكان محصورا فيقبل بالاتفاق وهذه قصة معينة أحاط بها جابر وغيره علما وأما رواية الاثبات فضعيفة فوجودها كالعدم الا حديث عقبة وقد أجبنا عنه واشتد انكار الشافعي في الام وتشنيعه على من يقول يصلى على الشهيد محتجا برواية الشعبي وغيره أن حمزة رضي الله عنه صلي عليه سبعون صلاة وكان يؤتي بتسعة من القتلى وحمزة عاشرهم فيصلي عليهم ثم يرفعون وحمزة مكانه ثم يؤتى بتسعة آخرين فيصلى عليهم وعلى حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة قال الشافعي رحمه الله وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا فإذا صلي عليهم عشرة عشرة فالصواب أن لا يكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان على أنه صلي على كل تسعة مع حمزة صلاة فهذه سبع فمن أين جاءت سبعون صلاة وإن عنى أنه كبر سبعين تكبيرة فنحن وهم
(٢٦٥)