بثمنين، فغبن البائع في أحدهما والمشتري في الأخر. وهذا الجواب قريب من سابقه في الضعف لأنه إن جاز التفكيك بينهما عند فرض ثبوت الغبن لأحدهما خاصة حتى يجوز له الفسخ في العين المغبون فيها خاصة فهما معاملتان مستقلتان كان الغبن في كل واحدة منهما لأحدهما خاصة فلا وجه لجعل هذا قسما ثالثا لقسمي غبن البايع خاصة والمشتري خاصة، وإن لم يجز التفكيك بينهما لم يكن غبن أصلا مع تساوي الزيادة في أحدهما للنقيصة في الآخر، ومع عدم المساواة فالغبن من طرف واحد.
ومنها أن يراد بالغبن في المقسم معناه الأعم الشامل لصورة خروج العين المشاهدة سابقا على خلاف ما شاهده أو خروج ما أخبر البائع بوزنه على خلاف خبره، وقد أطلق الغبن على هذا المعنى الأعم العلامة في القواعد والشهيد في اللمعة وعلى هذا المعنى الأعم تحقق الغبن في كل منهما وهذا حسن، لكن ظاهر عبارة الشهيد والمحقق الثانيين إرادة ما عنون به هذا الخيار وهو الغبن بالمعنى الأخص على ما فسروه به.
ومنها ما ذكره بعض من أنه يحصل بفرض المتبايعين وقت العقد في مكانين، كما إذا حصر العسكر البلد وفرض قيمة الطعام خارج البلد ضعف قيمته في البلد، فاشترى بعض أهل البلد من وراء سور البلد طعاما من العسكر بثمن متوسط بين القيمتين فالمشتري مغبون لزيادة الثمن على قيمة الطعام في مكانه، والبائع مغبون لنقصانه عن القيمة في مكانه، ويمكن رده بأن المبيع بعد العقد باق على قيمته حين العقد، ولا غبن فيه للمشتري ما دام في محل العقد، وإنما نزلت قيمته بقبض المشتري ونقله إياه إلى مكان الرخص.
وبالجملة: الطعام عند العقد لا يكون إلا في محل واحد له قيمة واحدة.
ومنها ما ذكره في مفتاح الكرامة من فرضه فيما إذا ادعى كل من المتبايعين الغبن، كما إذا بيع ثوب بفرس بظن المساواة، ثم ادعى كل منهما نقص ما في يده عما في يد الآخر، ولم يوجد المقوم ليرجع إليه فتحالفا، فيثبت الغبن لكل منهما فيما وصل إليه وقال ويتصور غبنهما في أحد العوضين، كما لو تبايعا شيئا بمائة درهم، ثم ادعى البائع كونه يسوي بمأتين والمشتري كونه لا يسوي إلا بخمسين، ولا مقوم يرجع إليه فيتحالفان ويثبت الفسخ لكل منهما، انتهى.