ذكر في الروضة والمسالك تبعا لجامع المقاصد في أقسام الغبن أن المغبون إما أن يكون هو البائع أو المشتري أو هما، انتهى.
فيقع الاشكال في تصور غبن كل من المتبايعين معا، والمحكي عن بعض الفضلاء في تعليقه على الروضة، ما حاصله: استحالة ذلك حيث قال: قد عرفت أن الغبن في طرف البائع إنما هو إذا باع بأقل من القيمة السوقية. وفي طرف المشتري إذا اشترى بأزيد منها ولا يتفاوت الحال بكون الثمن والمثمن من الأثمان أو العروض أو مختلفين، وحينئذ فلا يعقل كونهما معا مغبونين، وإلا لزم كون الثمن أقل من القيمة السوقية وأكثر وهو محال، فتأمل، انتهى.
وقد تعرض غير واحد ممن قارب عصرنا لتصوير ذلك في بعض الفروض منها ما ذكره المحقق القمي صاحب القوانين في جواب من سأله عن هذه العبارة من الروضة، قال: إنها تفرض فيما إذا باع متاعه بأربعة توأمين من الفلوس على أن يعطيه عنها ثمانية دنانير معتقدا أنها يسوي بأربعة توأمين ثم تبين أن المتاع يسوي خمسة توأمين وأن الدنانير تسوي خمسة توأمين إلا خمسا، فصار البائع مغبونا من كون الثمن أقل من القيمة السوقية بخمس تومان، والمشتري مغبونا من جهة زيادة الدنانير على أربعة توأمين فالبائع مغبون في أصل البيع والمشتري مغبون فيما التزمه من اعطاء الدنانير عن الثمن وإن لم يكن مغبونا في أصل البيع، انتهى.
أقول الظاهر أن مثل هذا البيع المشروط بهذا الشرط يلاحظ فيه حاصل ما يصل إلى البائع بسبب مجموع العقد والشرط، كما لو باع شيئا يسوي خمسة دراهم بدرهمين، على أن يخيط له ثوبا مع فرض كون أجرة الخياطة ثلاثة دراهم. ومن هنا يقال إن للشروط قسطا من العوض وإن أبيت إلا عن أن الشرط معاملة مستقلة ولا مدخل له في زيادة الثمن وخرج ذلك عن فرض غبن كلي من المتبايعين في معاملة واحدة لكن الحق ما ذكرنا من وحدة المعاملة، وكون الغبن من طرف واحد.
ومنها ما ذكره بعض المعاصرين من فرض المسألة فيما إذا باع شيئين في عقد واحد