قال بعضهم قد يعرض الاستسقاء بسبب الأورام الحادثة في المواضع الخالية خصوصا النازلة بسوء مزاجها المتعدى إلى الكبد والضار بها وللدم السوداوي الذي كثيرا ما يحتقن فيها وتولد السدد فيما يجاوره بالوصول إليه والذرب ويكون الأول مؤديا إلى الاستسقاء بعد مقاساة ألم راسخ في نواحي الحقو لا يكاد ينحل بدواء واستفراغ وهذا كلام غير مهذب واردا الاستسقاء ما كان مع مرض حار ومن الناس من يرى أن اللحمي شر من غيره لان الفساد فيه يعم الكبد وجميع عروق البدن واللحم حتى يبطل جمهور الهضم الثالث ومنهم من يراه أخف من غيره وحتى من الطبلي لكن الأولى ان يكون الزقى أصعب ذلك كله ثم من اللحمي ما هو أخف الجميع ومنه ما هو ردئ جدا وذلك بحسب اعتبار الأسباب الموقعة فيه وفي ظاهر الحال وأكثر ما يخرجه التجربة ويجب ان تكون عامة أصناف اللحمي أخف وليس يجب ان تكون ضرورة أن يكون الكبد فيها من الضعف على ما هو عليه في سائر ذلك وأشد الناس خطرا إذا أصابه الاستسقاء هذا الذي مزاجه الطبيعي يابس فإنه لم يمرض ضد مزاجه الا لأمر عظيم والاستسقاء الواقع بسبب صلابة الطحال أسلم كثيرا من الواقع بسبب صلابة الكبد بل ذلك مرجو العلاج وربما علت مادة الاستسقاء حتى أحدثت الربو وضيق النفس والسعال وذلك يدل على قرب الموت في الأيام الثلاثة وربما غير النفس بالمزاحمة لا للبلة وهذا أسلم وربما حدث بهم بقرب الموت قروح الفم واللثة لرداءة البخارات وفي آخره قد تحدث قروح في البدن لسوء مزاج الدم وقيل إنه إذا نزل من المستسقى مثل الفحم انذر بهلاكه ومن عرض له الاستسقاء وبه المالنخوليا انحل مالنخولياه بسبب ترطيب الاستسقاء إياه واعلم أن الاسهال في الاستسقاء مهلك وصاحب الاستسقاء يجب ان يتعرف أول ما انتفخ منه أهو العانة والرجلان أو الظهر وناحية الكليتين والقطن أو من المعي ويجب ان تكون طبيعته في اللين واليبس معلومة فان كون طبيعته يابسة أجود منها لينة وخصوصا في المبتدئ من القطن والكليتين والمبتدئ من القطن يكثر معه لين الطبيعة لارتداد رطوبات الغذاء منها إلى المعي واليبس في المبتدئ من قدام أكثر ويجب ان يتعرف حال مواضع النبتة والعانة هل هي ضعيفة أو لحمية فاللحمية تدل على قوة وعلى احتمال اسهال وينظر أيضا هل الصفن مشارك في الانتفاخ أو ليس وإذا شارك الصفن خيف الرشح والرشح معن معذب موقع في قروح خبيثة عسرة البرء * (سبب الاستسقاء الزقى بعد الأسباب المشتركة) * السبب الواصل فيه ان تفضل المائية ولا تخرج من ناحية مخرجها فتتراجع ضرورة وتغيض إلى غير مغيضها الضروري اما على سبيل رشح أو انفصال بخار تحيله الحقن ماء لكثرة مادة أو لسدة من رفع تدفعه الطبيعة عن ضرورة قاهرة في المجاري التي للفصول إلى فضاء البطن والخلاء الباطن فيه الذي فيه الأمعاء وأكثر وقوفها انما هو بين الثرب وبين الصفاق الباطن لا يتخلل الثرب لا لتأكل الثرب وقد علمت أن الدفع الطبيعي ربما أنفذ القيح في العظام فضلا عن غيرها واما على سبيل انصداع من بعض المجاري التي للغذاء إلى الكبد فتتحلب المائية عندها دون الكبد وأما على سبيل ما قاله بعض القدماء الأولين وانتحله بعض المتأخرين ان ذلك رجوع في فوهات العروق التي كانت تأتى السرة في الجنين فيأخذ منها الغذاء والفوهات التي كانت تأتيها
(٣٨٥)