تأتيها من الدماغ لتغذوها فان بينها وبين الدم الصرف تدريجا وهذه الرطوبة تشبه الزجاج الذائب ولون الزجاج الذائب صفاء يضرب إلى قليل حمرة اما الصفاء فلأنها تغذو الصافي واما قليل حمرة فلأنها من جوهر الدم ولم يستحل إلى مشابهة ما يتغذى به تمام الاستحالة وانما أخرت هذه الرطوبة عنها لأنها من بعث الدماغ إليها بتوسط الشبكي فيجب أن تلي جهته وهذه الرطوبة تعلو النصف المؤخر من الجليدية إلى أعظم دائرة فيها وقدامها رطوبة أخرى تشبه بياض البيض وتسمى بيضية وهي كالفضل عن جوهر الجليدية وفضل الصافي صاف ووضعت من قدام لسبب متقدم ولسبب كالتمام ولسبب المتقدم هو ان جهة الفضل مقابلة لجهة الغذاء والسبب التمامي هو أن يدرج حمل الضوء على الجليدية والبيضية والحد الذي ينتهى عنده الزجاجية عند الإكليل احتواء الشبكة على الصيد فلذلك تسمى شبكية وينبت من طرفها نسج عنكبوتي يتولد منه صفاق لطيف تنفذ معه خياطات من الجزء المسمى الذي سنذكره وذلك الصفاق حاجز بين الجليدية وبين البيضية ليكون بين اللطيف والكثيف حاجز ما وليأتيه غذاء من امامه نافذ إليه من الشبكي والمشيمي وانما كان رقيقا كنسج العنكبوت لأنه لو كان كثيفا قائما في وجه الجليدية لم يبعد أن يعرض منه لاستحالته أن يحجب الضوء عن الجليدية من طريق البيضية واما طرف الغشاء الرقيق فإنه يمتلئ وينتسج عروقا كالمشيمة لأنه منفذ الغذاء بالحقيقة وليس يحتاج إلى أن يكون جميع أجزائه مهيأة للمنفعة الغذائية بل الجزء المؤخر ويسمى مشيميا وأما ما جاوز ذلك الحد إلى قدام فيثخن صفاقا إلى الغلظ ما هو ذا لون اسمانجوني بين البياض والسواد ليجمع البصر وليعدل الضوء فعل اطباقنا البصر عند الكلال التجاء إلى الظلمة أو إلى التركيب من الظلمة والضوء وليحول بين الرطوبات وبين القرني الشديد الصلابة ويقف كالمتوسط العدل وليغذو القرنية بما يتأدى إليه من المشيمية ولا يتم احاطته من قدامه لئلا يمنع تأدى الأشباح بل يخلى قدامه فرجة وثقبة كما يبقى من العنب عند نزع ثفروقه عنه وفي تلك الثقبة تقع التأدية وإذا انسدت منع الابصار وفي باطن هذه الطبقة العنبية خمل حيث يلاقى الجليدية ليكون أشبه بالمتخلخل اللين وليقل أذى مماسته واصلب أجزائه مقدمه حيث تلاقى الطبقة القرنية الصلبة وحيث يتثقب ليكون ما يحيط بالثقبة أصلب والثقبة مملوءة رطوبة للمنفعة المذكورة وروحا يدل عليه ضمور ما يوازى الثقبة عند قرب الموت واما الحجاب الثاني فإنه صفيق جدا ليحسن الضبط ويسمى مؤخره طبقة صلبة وصفيقة ومقدمه يحيط بجميع الحدقة وتشف لئلا تمنع الابصار فيكون لذلك في لون القرن المرقق بالنحت والجرد ويسمى لذلك قرنية وأضعف أجزائه ما يلي قدام وهي بالحقيقة كالمؤلفة من طبقات رقاق أربعة كالقشور المتراكبة ان انقشرت منها واحدة لم تعم الآفة وقال قوم انها ثلاث طبقات ومنها ما يحاذي الثقبة لان ذلك الموضع إلى المستر والوقاية أحوج وأما الثالث فيختلط بعضل حركة الحدقة ويمتلئ كله لحما ابيض دسما ليلين العين والجفن ويمنعها ان تجف وتسمى جملته الملتحم فاما العضل المحركة للمقلة فقد ذكرناها في التشريح وأما الهدب فقد خلق لدفع ما يطير إلى العين وينحدر إليها من الرأس ولتعديل الضوء بسواده إذا السواد يجمع نور البصر وجعل مغرسه غشاء يشبه الغضروف
(١٠٩)