السائلين ضمنا وإن كانوا صحابة وأثبت لهم الصحبة، قلت: إن دل هذا على شئ فإنه يدل على عدم إيمان السائلين القلبي وإن كانوا صحابة وإثبات أخوة الإسلام والإيمان للجائين من بعد أيا كانوا، فالمقياس الإيمان لا الصحبة، هذا كله في حقيقة الأمر وإلا فيطلق عليهم ظاهرا الأخوة بناء على سعة مفهوم الإسلام بشرط الشهادتين والصلاة وغيرها وهي حاصلة لهم، وهذا الفهم من هذا الوجه أفضل بكثير من مجازفات الإمام الباجي حيث قال: (بل أنتم أصحابي ليس نفيا لأخوتهم ولكن ذكر مرتبتهم الزائدة في الصحبة) وإلا فهو تحصيل حاصل ويرد عليه إيرادات عزفنا عن إيرادها والله العالم.
ونقل النووي عن القاضي عياض قال: (ذهب أبو عمرو بن عبد البر في هذا الحديث وغيره من الأحاديث في فضل من يأتي آخر الزمان إلى أنه قد يكون فيمن يأتي بعد الصحابة من هو أفضل ممن كان من جملة الصحابة وأن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (خيركم قرني) على الخصوص معناه خير الناس.
قرني أي السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ومن سلك مسلكهم...
وأما من خلط في زمنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن رآه وصحبه، أو لم يكن له سابقة ولا أثر في الدين فقد يكون في القرون التي تأتي بعد القرن الأول من يفضلهم على ما دلت عليه الآثار، قال القاضي: وقد ذهب إلى هذا أيضا غيره من المتكلمين على المعاني، قال: وذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا..) (1).
قلت: قوله: " ذهب معظم العلماء إلى خلاف هذا " يدل على أن العلماء القدامى الذين فضلوا صلحاء الأمة على الغافلين والمقصرين والمغفلين