ومسرف يزيد بن معاوية، فلم يحرس الملائكة مكة والمدينة من دجال اليهود ويبيحوهما ليهود المسلمين؟ ودجالهم آنذاك، ولو أن مسلما تشكك في حديث حراسة هذه المقدسات من المتن والمفهوم لكان حري به أن يعذر.
والأعجب من ذلك الحديث الذي يرويه البخاري بسنده عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (المدينة كالكير تنفي خبثها) (1) أي تخرج شرار الناس منها كما فسره الدكتور مصطفى البغا في شرح ألفاظ البخاري.
فإذا كان هذا الحديث صحيحا فلم لم تنف المنافقين منها ومن حولها، وقد قال الله تعالى: * (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) * (2) فالمدينة المنورة تعج بهم ومسجد رسول الله يضيق من كثرتهم.
وإذا كان هذا الحديث صحيحا ففيم تفسر هجرة ألوف الصحابة من المدينة إلى غيرها من البلاد فهل كانوا خبثا في المدينة؟ وإذا كان صحيحا فبماذا نفسر صنيع علي بن أبي طالب عندما نقل دار الخلافة من المدينة إلى الكوفة فهل نفته المدينة؟ فوالله لقد أسمعني أحد الناس (وإني لأعرف اسمه وكنيته) حيث قال: لماذا علي نقل الخلافة إلى الكوفة فهذا شئ لم يصنعه الخلفاء من قبله وأخذ يوصم عليا بما يخدش العصمة ويوقعه بما يشبه الذنوب وأطال الكلام، ولقد كاد أن يقول: المدينة تنفي خبثها، غير أنه لم يقل، وإنما فهمتها من لحن القول، وإنني لأعلم أن هذا الحجاج ليس منه وإنما هو مدفوع من قبل دعاة العلم في مدينتنا الموقرة.