تحت الكلي الآخر الذي لا يجب وفائه.
وأما إذا كان مثل البيع والرهن بحيث كان كل منهما واجب الوفاء " بأوفوا بالعقود "، وكانا متمانعين متزاحمين فلا يعمهما العام مع عدم الترجيح، وحيث إن المفروض سبق حق الرهن ونفوذه فلا يعقل شمول العام للفرد المزاحم عقلا، ولم يوجد بعد زوال الحق فرد من العقد حتى يعمه العام من الأول، إذ ليس التزاحم العقلي موجبا لتعنون العام بكليين، رتب على أحدهما بنحو القضايا الحقيقية وجوب الوفاء، حتى يتوهم أن العقد الواقع بعد زوال المانع مندرج تحت ذلك الكلي المرتب عليه الحكم من الأول.
وإن أريد من المقتضي مثل قوله تعالى * (أحل الله البيع) * (1) ونحوه من الأدلة الخاصة، ومن المانع مثل دليل الرهن بالخصوص، فضمه إلى دليل نفوذ البيع يوجب تنويعه إلى بيع وارد على العين المرهونة، وإلى بيع وارد على غير المرهونة ولو بقاء، فالبيع الذي زال حق الرهانة عن متعلقه فرد مندرج تحت الكلي المحكوم بالصحة، فيكون كالبيع الذي لم يكن حال حدوثه مرضيا به، وكان بقاء مرضيا به، فإن مقتضى مانعية حق الرهانة هي المانعية ما دام حق الرهانة، لا أن حدوثه يمنع عن نفوذ البيع أبدا، فيكون بعينه كدليل الاكراه المانع عن نفوذ البيع المكره عليه، فإنه مانعيته ما دامت الكراهة باقية، فإذا زالت دخل (2) في البيع الذي لم يكن بمكره عليه.
ومما ذكرنا تبين أن القول بنفوذ البيع بعد الفك أو الابراء أو الاسقاط على النقل لا مانع منه، وأما على الكشف ففي غاية الاشكال، وإن نسب القول به إلى المشهور.
وغاية ما يمكن أن يوجه به - بناء على الاجماع على الكشف - هو أن حكمة المنع عن التصرفات - المنافية للرهن والغير المنافية له - هو كون الراهن محبوسا عن كل التصرفات، ليدعوه إلى أداء الدين وعدم تأخيره عن وقته، وإلا لم يكن له داع إلى الأداء أو إلى إيفاء الدين في وقته، ومثل هذا الحق إنما يجب رعايته بالمنع عن التصرفات مطلقا إذا أدى التصرف إلى أحد الأمرين، ومع تعقبه بالفك قبل وقته لا يكون إنفاذ التصرف مؤديا إلى تفويت الحق، ولا إلى تأخيره.