بيانه: أن العقد عبارة عن ارتباط أحد القرارين المعامليين بالآخر، المعبر عنهما بالعهد والالتزام، كما فصلنا القول في مباحث (1) المعاطاة، وقد بينا هناك أن منزلة العقد اللفظي من القرار المعاملي منزلة الآلة من ذي الآلة، ومنزلة السبب من مسببه، وأن اعتبار الحل بلحاظ العقد المعنوي لا اللفظي الغير القار، فإن المعدوم لا يحل ولا ينحل، بل العقد اللفظي يوصف بالعقدية بلحاظ مسببه، وإلا فلا ربط لأحد الانشائين بالآخر من حيث وجودهما اللفظي.
وقد بينا هناك أيضا أن العهدية والعقدية والملكية وأشباهها اعتبارات شرعية أو عرفية، ربما تكون وربما لا تكون، ومجرد اعتبار الشخص لكونه متعهدا وعاقدا ومالكا لا يوجب تحقق تلك المعاني قهرا، بل وجودها الاعتباري العرفي أو الشرعي منوط بالأسباب التي يتسبب بها إليه عند العرف أو الشرع.
وعليه نقول: إن من له الولاية على التصرف في مال عرفا أو شرعا كان انشائه محققا للعهد والعقد والملك الاعتباري عرفا أو شرعا، ومن لا ولاية له على ذلك كان انشائه محققا لاعتباره فقط، ولا عهد ولا عقد له عرفا ولا شرعا.
وحيث إن العقد متقوم بقرارين معامليين، والقرار متقوم بمن يقوم به القرار، فمع عدم الطرف لا قرار حقيقة، لا أنه محقق لا انتساب له إلى من عقد له الفضول.
وثانيا: أن الصادر من المتعاملين حقيقة ليس إلا جعل شئ ملكا بعوض، فمن حيث إنه جعل وقرار عهد، ومن حيث ارتباطه بقرار آخر عقد، ومن حيث إنه ايجاد للملك تسبيبا بيع وتمليك.
والقرار المطلق الذي هو عين ايجاد الملكية لا يوجد إلا متعلقا بالملك، والايجاد والوجود متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار، فمع عدم الملكية كما لا معنى لايجاد الملكية كذلك لا معنى لجعل شئ ملكا لأحد، وهو عين العهد والقرار، فكما أن حقيقة القرار يتقوم بمن يقوم به القرار، كذلك بما يتعلق به القرار.
وثالثا: أن الوفاء إن كان عبارة عن عدم هدم العقد ونقضه في قبال اتمامه وابقائه وانهائه إلى الآخر لصح إيجاب الوفاء بالعقد مع عدم تأثيره في الملك، وإن كان عبارة عن ترتيب