من العوض، كخبر إسحق بن عمار عن الصادق عليه السلام: " قال: قلت له عليه السلام: الرجل الفقير يهدي إلي الهدية، يتعرض لما عندي فآخذها ولا أعطيه شيئا أيحل لي؟ قال نعم، هي لك حلال ولكن لا تدع أن تعطيه " (11).
وهل يحل مع إعطائه العوض المطموع فيه إذا لم يكن من ماله، بل كان من الأموال التي أعطته الناس ليصرف إلى الفقراء من الزكوات والأخماس وسائر وجوه البر، والظاهر الحل إذا كان المهدي من أهل الاستحقاق والمهدي له معطيا إياه، وإن لم يكن ليهدي له شيئا. وفيه تأمل، كما يظهر بعد ذلك.
الثالثة - أن يقصد به الإعانة بعمل معين، كالمحتاج إلى السلطان أو ذي شوكة يهدي إلى وكيلهما، أو من له مكانة عندهما، فينظر إلى ذلك العمل، فإن كان حراما، كالسعي في تنجز إدرار حرام أو ظلم إنسان أو غير ذلك. أو واجبا، كدفع ظلم أو استخلاص حق ينحصر الدفع والاستخلاص به، أو شهادة معينة، أو حكم شرعي يجب عليه، أو أمثال ذلك، فهو رشوة محرمة يحرم أخذها، وإن كان العمل مباحا لا حراما ولا واجبا.
فإن كان فيه تعب، بحيث جاز الاستئجار عليه، فما يأخذه حلال وجار مجرى الجعالة، كأن يقول: أوصل هذه الفضة إلى السلطان، ولك دينار.
أو اقترح على فلان أن يعينني على كذا أو يعطيني كذا، وتوقف تنجز غرضه على تعب أو كلام طويل، فما يأخذه في جميع ذلك مباح، إذا كان الغرض مشروعا مباحا، وهو مثل ما يأخذه وكيل القاضي للخصومة بين يديه، بشرط ألا يتعدى من الحق. وإن لم يكن العمل مما فيه تعب، بل كان مثل كلمة أو فعلة لا تعب فيها أصلا، ولكن كانت تلك الكلمة أو تلك الفعلة من مثله مفيدة، لكونه ذا منزلة، كقوله للبواب لا تغلق دونه باب السلطان، فقال بعض العلماء: الأخذ على هذا حرام، إذ لم يثبت في الشرع جواز ذلك. ويقرب من هذا أخذ الطبيب العوض على كلمة واحدة ينبه بها على دواء يتفرد بمعرفته. وفيه نظر، إذ الظاهر جواز هذا