وما نكثوا من بيعة بعد بيعة * إذا ضمنوها اليوم خاسوا بها غدا فكيف رأيت الله فرق جمعهم * ومزقهم عرض البلاد وشردا فقتلاهم قتلى ضلال وفتنة * وحيهم أمسى ذليلا مطردا ولما زحفنا لابن يوسف غدوة * وأبرق منا العارضان وأرعدا قطعنا إليه الخندقين وإنما * قطعنا وأفضينا إلى الموت مرصدا فكافحنا الحجاج دون صفوفنا * كفاحا ولم يضرب لذلك موعدا بصف كان البرق في حجراته * إذا ما تجلى بيضه وتوقدا دلفنا إليه في صفوف كأنها * جبال شروري لو تعان فتهمدا فما لبث الحجاج إن سل سيفه * علينا فولى جمعنا وتبددا وكرت علينا خيل سفيان كرة * بفرسانها والسمهري المقصدا فيهني أمير المؤمنين ظهوره * على أمة كانوا بغاة وحسدا نزوا يشتكون البغي من أمرائهم * وكانوا هم أبغى البغاة وأعندا كذاك يضل الله من كان قلبه * مريضا ومن والى النفاق والحدا أنكثا وعصيانا وغدروا وذلة * أهان الاله من أهان وأبعدا فقال أهل الشام: أحسن، أصلح الله الأمير. فقال الحجاج: لا لم يحسن أنكم لا تدرون ما أراد بها. ثم قال: يا عدو الله أنا لسنا نحمدك على هذا القول، إنما قلت تأسف أن لا يكون ظهر وظفر وتحريضا لأصحابك علينا وليس عن هذا سألناك، انفذ لنا قولك:
بين الأشج وبين قيس باذخ فأنفذها قلما قال: بخ بخ لوالده وللمولود قال الحجاج: لا والله لا تبخيخ بعدها أبدا. فقدمه فضرب عنقه.
قال وهو في حملة الغزو سيق إليه:
وفي أربعين توفيتها * وعشر مضت لي مستبصر وموعظة لامرئ حازم * إذا كان يسمع أو يبصر كأني لم ارتحل جسرة * ولم أجفها بعد ما تضمر فاجشمها كل ديمومة * ويعرفها البلد المقفر ولم أشهد الباس يوم الوغى * علي المفاضة والمغفر ولم أخرق الصف حتى تميل * دراعة القوم والحسر أطاعن بالرمح حتى اللبان * يجري به العلق الأحمر أجيب الصريخ إذا ما دعا * وعند الهياج أنا المسعر وبيضاء مثل مهاة الكثيب * لا عيب فيها لمن ينظر كان مقلدها إذ بدأ * به الدر والشذر والجوهر مقلد أدماء نجدية * يعن لها شادن أحور كان جنى النحل والزنجبيل * والفارسية إذ تعصر يصب على برد أنيابها * يخالطه المسك والعنبر فتور القيام رخيم الكلام * يفزعها الصوت إذ تزجر فتلك التي شفني حبها * وحملني فوق ما أقدر فلا تعدلاني في حبها * فاني بمعذرة أجدر وقولا لذي طرب عاشق * أشط المزار بمن تذكر بكوفية أصلها بالفرات * تبدو هنالك أو تحضر وأنت تسير إلى مكران * فقد شحط الورد والمصدر ولم تك من حاجتي مكران * ولا الغزو فيها ولا المتجر وخبرت عنها ولم آتها * فما زلت من ذكرها أذعر بان الكثير بها جائع * وإن القليل بها مقتر وإن لحى الناس من حرها * تطول فتلجم أو تضفر ويزعم من جاءها قبلنا * بانا سنسهم أو ننحر أعوذ بربي من المخزيات * فيما أسر وما أجهر وما كان بي من نشاط لها * وإني لذو عدة موسر ولكن بعثت لها كارها * وقيل انطلق للتي تؤمر فكان النجاة ولم التفت * إليهم وشرهم منكر هو السيف جرد من غمده * فليس عن السيف مستأخر وكم من أخ لي مستأنس * يظل به الدمع يستحسر يودعني وانتحت عبرة * له كالجداول أو أغزر فلست بلاقيه من بعدها * يد الدهر ما هبت الصرصر وقد قيل إنكم عابرون * بحرا لها لم يكن يعبر إلى السند والهند في أرضهم * هم الجن لكنهم أنكر وما رام غزوا لها قبلنا * أكابر عاد ولا حمير ولا رام سابور غزوا لها * ولا الشيخ كسرى ولا قيصر ومن دونها معبر واسع * واجر عظيم لمن يؤجر وقال:
عليك محمد لما ثويت * تبكي البلاد وأشجارها وكنت كدجلة إذ ترتمي * فيقذف في البحر تيارها وقال وهو أسير في السجن:
تجلو بمسواك الأراك منظما * عذبا إذا ضحكت تهلل ينطف وكان ريقتها على علل الكرى * عسل مصفى في القلال وقرقف وكأنما نظرت بعيني ظبية * تحنو على خشف لها وتعطف ثقلت روادفها ومال بخصرها * كفل كما مال النقا المتقصف ولها ذراعا بكرة رحبية * ولها بنان بالخضاب مطرف وعوارض معقولة وترائب * بيض وبطن كالسبيكة مخطف أصبحت رهنا للعداة مكبلا * أمسي وأصبح في الأداهم أرسف ولقد أراني قبل ذلك ناعما * جذلان آبي أن أضام وآنف وأغير غارات وأشهد مشهدا * قلب الجبان به يطير ويرجف وأرى مغانم لو أشاء حويتها * فيصدني عنها غنى وتعفف إن نلت لم أفرح بشئ نلته * وإذا سبقت به فلا أتلهف وقال:
وإني امرؤ أحببت آل محمد * وتابعت وحيا ضمنته المصاحف وهذا البيت من أبيات قالها حين رفع المختار الكرسي الذي زعم أنه كرسي علي بن أبي طالب وعصبه بالديباج والحرير فلم يرض الأعشى