خمسين سنة قال المؤلف التحديد بالعشرين والثلاثين والأربعين والخمسين سنة محمول على إرادة ما مضى من عمره إلى ذلك الوقت وعدم النظر في أقفية الناس كناية عن عدم سبق أحد له بل كان يصلي دائما في الصف الأول اما ما يفهم من رواية الأوزاعي من أنه مكث عشرين سنة من أصل الأربعين لا ينظر في أقفية الناس وجعل نفس الفضيلة عدم النظر في أقفيتهم فهو اشتباه. وبسنده صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة. وبسنده عن خالد بن داود سالت سعيد بن المسيب ما يقطع الصلاة قال الفجور ويسترها التقوى وبسنده ان سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم. وبسنده عن أبي حرملة سمعت سعيد بن المسيب يقول لقد حججت أربعين حجة. وبسنده ان نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب.
وبسنده عن سعيد بن المسيب ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله وكفى بالمؤمن من نصرة الله ان يرى عدوه يعمل بمعصية الله وبسنده خرج سعيد بن المسيب في ليلة مطر وطين وظلمة منصرفا من العشاء فأدركه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل ومعه غلام معه سراج فسلم عليه عبد الرحمن ومشيا يتحدثان حتى إذا حاذى عبد الرحمن داره انصرف إليها فقال للغلام امش مع أبي محمد بالسراج فقال سعيد لا حاجة لي بنوركم نور الله خير من نوركم وبسنده أن سعيد بن المسيب كان يكثر ان يقول في مجلسه اللهم سلم سلم. وبسنده عن ابن حرملة حفظت صلاة ابن المسيب وعمله بالنهار فسالت مولاه عن عمله بالليل فقال كان لا يدع ان يقرأ بصاد والقرآن كل ليلة فسألته عن ذلك فأخبر ان رجلا من الأنصار صلى إلى شجرة فقرأ بصاد فلما مر بالسجدة سجد وسجدت الشجرة معه فسمعها تقول اللهم اعطني بهذه السجدة اجرا وضع عني بها وزرا وارزقني بها شكرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود قال المؤلف وهذه مبالغة ترفعه عن درجة النبوة.
وبسنده مروا على ابن المسيب بجنازة ومعها انسان يقول استغفروا الله له فقال ابن المسيب ما يقول راجزهم هذا حرمت على أهلي ان يرجزوا معي راجزهم هذا وان يقولوا مات سعيد فاشهدوه حسبي من يقبلني إلى ربي عز وجل وان يمشوا معي بمعجزات أن أكن طيبا فما عند الله أطيب. وبسنده قيل لسعيد بن المسيب ما شان الحجاج لا يبعث إليك ولا يهيجك ولا يؤذيك قال والله ما أدري غير أنه صلى ذات يوم مع أبيه صلاة فجعل لا يتم ركوعها ولا سجودها فأخذت كفا من حصباء فحصبته بها قال الحجاج فما زلت أحسن الصلاة قال المؤلف الظاهر أن سكوت الحجاج عنه لاظهاره خلاف التشيع.
وبسنده عن سعيد بن المسيب في قوله تعالى انه كان للأوابين غفورا قال الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ولا يعود في شئ قصدا. وبسنده عن يحيى بن سعيد دخلنا على سعيد نعوده ومعنا نافع بن جبير فقالت أم ولده انه لم يأكل منذ ثلاث فكلموه فقال نافع بن جبير انك من أهل الدنيا ما دمت فيها ولا بد لأهل الدنيا مما يصلحهم فلو اكلت شيئا قال كيف يأكل من كان على مثل حالنا هذه بضعة يذهب بها إلى النار أو إلى الجنة فقال نافع ادع الله ان يشفيك فان الشيطان قد كان يغيظه مكانك من المسجد قال بل أخرجني الله من بينكم سالما قال المؤلف ان كان امتناعه عن الأكل ثلاثا لمرضه الذي لا يشتهي معه الأكل فكان ينبغي ان يعتذر به لا بما قاله وان كان المانع له ما قاله فيكون قد أعان على نفسه وخالف الشرع وظاهر هذا الخبر يورث الشك في صحته. وبسنده دعي سعيد بن المسيب إلى نيف وثلاثين ألفا ليأخذها فقال لا حاجة لي فيها ولا في بني مروان حتى ألقى الله فيحكم بيني وبينهم. وبسنده كان سعيد بن المسيب يماري غلاما ماله في ثلثي درهم وأتاه ابن عمه بأربعة آلاف درهم فأبى ان يأخذها. وبسنده قال سعيد بن المسيب قد بلغت ثمانين سنة وما شئ أخوف عندي من النساء وكان بصره قد ذهب. وبسنده عن سعيد بن المسيب ما ايس الشيطان من شئ الا أتاه من قبل النساء وقال أخبرنا سعيد وهو ابن أربع وثمانين سنة وقد ذهبت إحدى عينيه وهو يعشو بالأخرى ما شئ أخوف عندي من النساء. وبسنده سمع سعيد بن المسيب يقول يد الله فوق عباده فمن رفع نفسه وضعه الله ومن وضعها رفعه الله الناس تحت كنفه يعملون أعمالهم فإذا أراد الله فضيحة عبد أخرجه من تحت كنفه فبدت للناس عورته.
وبسنده عن علي بن زيد قلنا لسعيد بن المسيب يزعم قومك انما يمنعك من الحج انك جعلت لله عليك إذا رأيت الكعبة ان تدعو الله على بني مروان قال ما فعلت ذلك وما أصلي لله عز وجل في صلاة دعوت عليهم واني قد حججت واعتمرت بضعا سبعا وعشرين مرة وانما كتبت علي حجة واحدة قال المؤلف لعله يريد ان جميع حجاته كانت للدعاء على بني مروان الا واحدة. وبسنده عن ابن حرملة ما سمعت سعيد بن المسيب يسب أحدا من الأئمة قط الا اني سمعته يقول قاتل الله فلانا كان أول من غير قضاء رسول الله ص وقد قال النبي ص الولد للفراش وللعاهر الحجر قال المؤلف هو من استلحق زيادا. وبسنده كان سعيد بن المسيب لا يقبل من أحد شيئا لا دينارا ولا درهما ولا شيئا وربما عرض عليه الأشربة فيعرض فليس يشرب من شراب أحد منهم. وبسنده ان سعيد بن المسيب زوج ابنته بدرهمين. وبسنده عن أبي وداعة كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أياما فلما جئته قال أين كنت قلت توفيت أهلي فاشتغلت بها فقال ألا أخبرتنا فشهدناها ثم أردت أن أقوم فقال هل استحدثت امرأة فقلت يرحمك الله ومن يزوجني ولا أملك الا درهمين وفي نسخة دينارين أو ثلاثة فقال أنا فقلت أوتفعل قال نعم ثم حمد الله تعالى وصلى على النبي ص وزوجني على درهمين أو قال ثلاثة فقمت وما أدري ما اصنع من الفرح فصرت إلى منزلي وجعلت أتفكر ممن آخذ وممن أستدين وكنت وحدي صائما فقدمت عشائي وكان خبزا وزيتا فإذا بالباب يقرع فقلت من هذا قال سعيد فأفكرت في كل انسان اسمه سعيد الا سعيد بن المسيب فإنه لم ير أربعين سنة الا بين بيته والمسجد فخرجت فإذا سعيد بن المسيب فظننت انه قد بدا له فقلت يا أبا محمد الا أرسلت إلي فآتيك قال لا أنت أحق أن تؤتي قلت فما تأمر قال إنك كنت رجلا عزبا تزوجت فكرهت ان تبيت الليلة وحدك وهذه امرأتك فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ثم اخذها بيدها فدفعها بالباب ورد الباب فسقطت المرأة من الحياء فاستوثقت من الباب ثم قدمت القصعة التي فيها الخبز والزيت فوضعتها في ظل السراج لكيلا تراه ثم صعدت إلى السطح فرميت الجيران فجاؤوني فقالوا ما شأنك قلت ويحكم زوجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة فقالوا سعيد بن المسيب زوجك قلت نعم وها هي في الدار فنزلوا إليها وبلغ أمي فجاءت وقالت وجهي من وجهك حرام ان مسستها قبل أن أصلحها إلى ثلاثة أيام فأقمت ثلاثة أيام ثم دخلت بها فإذا هي من أجمل الناس واحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله ص وأعرفهم بحق الزوج فمكثت شهرا لا يأتيني سعيد ولا آتيه فلما كان قرب الشهر أتيته وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي السلام ولم يكلمني حتى تقوض أهل المجلس فلما لم