ثم لا يخفى أن مراد الشهيد التفريع على الحرمة خاصة، وإلا فعلى البطلان لا ينبغي التأمل في الصحة بكل ما يصدق معه الارتماس في حال المكث أو الخروج أو غيرها بعد حصول المبطل منه للصوم، وحينئذ فالمتجه الحرمة بالارتماس والمكث والخروج بناء على أن ما بالاختيار لا ينافي الاختيار، فهو كالداخل في الدار المغصوبة، فإنه يأثم بخروجه منها وإن كلف به كما تقرر في محله، فيتجه بناء على ذلك ما أطلقه الشهيد، بل منه يظهر أيضا ما في المدارك من أن الأظهر مساواة الجاهل للناسي في الصحة، لاشتراكهما في عدم التوجه النهي وإن أثم الجاهل بتقصيره في التعلم، ضرورة إمكان منعه عليه، وأنه لا مانع من توجه النهي إليه بعد أن كان التقصير بسوء اختياره، والأمر سهل، هذا.
وألحق بعضهم كالشهيد الثاني وغيره غير الماء من المايعات به في حكم الارتماس، بل قال في المسالك: (في حكم الماء مطلق المايع وإن كان مضافا كما نبه عليه بعض أهل اللغة والفقهاء) قلت: قد يشكل بأن الموجود في النصوص التقييد بالماء، اللهم إلا أن يقال إنه غير مناف للمطلق، فلا يتقيد به، نعم قد يمنع انسياق المطلق لما يشمل الارتماس بكل مايع، بل أقصى ما يسلم منه الماء المضاف ونحوه، ولعله لذا قال الأستاذ في كشفه ويقوى عدم إدخال باقي المايعات في حكم الرمس إلا ما كان من المياه المضافة ونحوها في وجه قوي، ولكن مع ذلك الاحتياط لا ينبغي تركه، والله أعلم.
(وفي إيصال الغبار) الغليظ من الدقيق والتراب أو غيرهما (إلى) ما يحكم معه بالافطار من (الحلق خلاف) و (الأظهر التحريم وفساد الصوم) وفاقا للمشهور، بل لم أجد فيه خلافا بين القائلين بعموم المفطر للمعتاد وغيره إلا من المصنف في المعتبر فتردد فيه، كما اعترف بذلك الفاضل في الرياض، بل ظاهر