الصائم فقال: ليس عليه قضاء، أنه ليس بطعام)) ضرورة ظهوره في عدم عموم الطعام لكل مطعوم، بل هو دال على أن الذي يوجب القضاء المعتاد من الطعام خاصة لا مطلقا بحيث يشمل غير المعتاد، اللهم إلا أن يقال إن خبر مسعدة خال عن شرائط الحجية بحيث يصلح مقيدا للاطلاق في الكتاب والسنة، والخبران الأولان لو سلم إرادة خصوص المعتاد من الطعام والشراب فيهما فليسا بمساقين لنحو المقام قطعا، كما لا يخفى على من لاحظهما متأملا، فأصالة صحة الصوم حينئذ مقطوعة بالاطلاق المزبور بعد تسليم صدق اسم الصوم على الامساك عن خصوص المعتاد، وإلا لم يثبت أصل الصوم فضلا عن استمراره، فتأمل جيدا، والله أعلم.
(و) يجب فيه الامساك أيضا (عن الجماع) المتحقق بدون الانزال قطعا (في القبل) للمرأة (إجماعا) من المسلمين فضلا عن المؤمنين بقسميه، مضافا إلى الكتاب والسنة، بل ويجب الامساك عن الجماع في دبر المرأة والغلام والبهيمة وقبلها على الأظهر الأشهر، بل المشهور، بل في الخلاف الاجماع على بعضه، قال: (إذا أدخل ذكره في دبر امرأة أو غلام كان عليه القضاء والكفارة، دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط، ثم قال: إذا أتى بهيمة فأمنى كان عليه القضاء والكفارة، فإن أولج ولم ينزل فليس لأصحابنا فيه نص، لكن مقتضى المذهب أن عليه القضاء، لأنه لا خلاف فيه، وأما الكفارة فلا تلزمه، لأن الأصل براءة الذمة) وإن كان قد يناقش بأن دليل القضاء دليل الكفارة، فالمتجه نفيهما أو إثباتهما، ومن هنا قال ابن إدريس: لما وقفت على كلامه كثر تعجبي، والذي دفع به الكفارة به يدفع القضاء مع قوله: لا نص لأصحابنا فيه وإذا لم يكن فيه نص مع قولهم (1): (اسكتوا كما سكت الله) فقد كلفه القضاء